٢٢‏/١٢‏/٢٠٠٧

المهزلة التأخيرية



الطبيعى إذا دعيت لحضورحفل زواج أن تجد العريس فى استقبالك بابتسامة ممتدة على وجهه ، مرتديًا " الحتة اللى على الحبل " سواء كانت تمليكًا أو إيجارًا أو استعارة من أحد الأصدقاء ، ولكن الحاضرين حفل زواجى السعيد فوجئوا بأنهم مضظرون لاستقبالى وليس العكس

حيث أبيْت فى هذا العُرس الموعود إلا أن أمارس هوايتى المزمنة فى التأخير ، تلك الهواية التى التصقت بى منذ الصغر ولا ترغب فى أن تغادرنى إلى الآن . وبصراحة لم أبذل جهدًا جادًا من أجل التخلص منها . وهى صفة لا أحبها بالطبع ، ولكنها تمثل لى قرين السوء الذى لم أستطع فراقه منذ زمن طويل

ورغم كرهى الشديد لهذه الصفة إلا أننى لم أتمكن حتى الآن من الفكاك منها ، تماما مثل النحس الذى يواجهه نادى الزمالك الذى يلازمه الفشل مهما استقدم من مدربين ولاعبين وحتى جمهورًًًًًا جديدًًا

يحدث ذلك رغم إيمانى الكامل – نظريًا – بأهمية الانضباط فى المواعيد ، وحتمية عدم التأخير ، بل وحفظى لعدد لا نهائى من المواقف التى أثر فيها التأخير سلبيًا على أعمال كثيرة ، ولكن يبدو أنك تضطر فى بعض الأحيان للاستسلام لواقع لا ترضاه لأنك تشعر باستحالة تغييره

المبررات لا تنتهى فى تبرير التأخيرالذى أصبح الأصل فى مجتمعنا المصرى ، فالزحام الذى لا يختفى من شوارعنا العامرة بالسيارات ، وجشع وتلكؤ سائقى كافة وسائل النقل بلا استثناء، ورداءة حالة الطرق ، وشيوع ثقافة التأخير للدرجة التى يصبح فيها الملتزم بمواعيده استثناء من القاعدة ، والنوم المتاخر بسبب الانشغال فى أكثر من عمل لتدبير الاحتياجات الضرورية للمعيشة ، وأبناؤك الذين لا يقتنعون بضرورة أن تأوى إلى فراشك مبكرا لتدرك مواعيد عملك ؛ فيستمر اللعب والصهللة من جانبهم طوال الليل ، والمطر الذى يمكنه إغلاق أكبر شوارع مصر فى 5 دقائق ، كل هذه العوامل وغيرها أسباب للتاخير بالطبع ، ولكنها ليست عذرًا ، بعد أن تحول إلى عادة

المواقف ليس لها حصر تلك التى أضاع منى التأخير فيها فرصًًًًًًًًًًًًا ذهبية ، ولن أستجيب لتطلعاتكم بذكرها بالتفصيل ، ليس بخلاً أو نتيجة أعراض الزهايمر ولكن لتكرارها الممل

أذكر يومًا فى أيام طفولتى البهيجة حين أرسلتنى والدتى – حفظها الله – لشراء أحد الأشياء التى تحتاجها فى إعداد الغذاء ، فإذا بى أفاجأ بعدد لا حصر له من الأصدقاء يقابلوننى بامتداد الطريق ، فلا أعود للمنزل إلا بعد وقت طويل كانوا خلاله أرسلوا من يشترى نفس الشئ ، وأعدوا الطعام بل وانتهوا من تناوله ايضا

ولا أنسى – إن نسيت – العرق الذى كان يتصبب منى - خلال أيام الدراسة – خوفًا من عدم سماح المراقبين بدخولى الامتحانات بسبب التأخير ، أو نظرات اللوم من رؤسائى فى العمل الذى يمكن أن أتاخر عنه بالساعات ، أوكلمات التقريع التى تنهال على أذنى من الزملاء والأصدقاء مع كل تأخير فى موعد معهم
وللأسف ..لاهم توقفوا عن تلك النظرات أو الكلمات ، ولا توقفت أنا عن التأخير فى مواعيدى

لا اريد أن ألمح فى وجوهكم ابتسامة صفراء حين أخبركم بما يحدث لى حين أضطر أن أذهب إلى بعض المواعيد لا لحضورها بل للاعتذار عن تأخرى عنها والعودة مع العائدين ، بما يمثل ذلك من خسارة فى نيل خير هذه المواعيد أو الحصول على نصيبى مما لذ وطاب مما يؤكل ويشرب ، لأنه ببساطة إما أن تكون هذه الأشياء قد انتهت ، أوتحُول " سدة النفس " دون تمكنى من الحصول عليها .

تكرار الظاهرة لا يسعدنى بالطبع إلا أنها أصبحت ملازمة لى ، فحتى هذا التقرير الذى أكتبه تأخرت فى إعداده عدة شهور
هو تأخيرٌ مملٌ للدرجة التى أتصور معها أنه لا فكاك، ولكن ما زلت لم أفقد الأمل حتى الآن .. أمل فى أن أتخلى عن تطبيق المقولة التى أطلقها أحد الكسالى وهى " أن تصل متأخرًا خيرٌ من ألا تصل أبدًا " فعدم الوصول أفضل كثيرًا من الذهاب المتأخر الذى يعيق الأعمال ، ويصيب الجميع

المهم أنى حتى الآن لم أتمكن من الوصول إلى حل لتلك المعضلة ، بمعنى أننى تأخرت أيضا فى ذلك . ولكن من يدرى.. ربما لا يتاخر أحدكم قى نصحى بكيفية وضع حد لهذه المهزلة التأخيرية .. فهل سيستجيب أحدكم فى إهدائى حلا ؟ أم أنكم ستتأخرون فى ذلك ...مثلى ؟

١٧‏/١٢‏/٢٠٠٧

حكايتى مع قناة الخليجية

للمرة الثانية قرر مذيع قناة الخليجية - وليد عبد الفتاح-التكدير على مشاهديه وتطفيشهم من المحطة التى " حفى " حتى تعرف عليها هؤلاء المشاهدون ، كما قرر سيادته إنهاء علاقتهم الكاملة بالقناة
عارفين ليه ؟
البيه قرر - أكيد فى ساعة طيش - إنه يعكر مزاجهم قبل العيد ، ويختار لهم ضيف سقيل ( ودى غير سقيل البلد اللى فى مركز امبابة ) فاختارنى لأكون ضيفه اليوم ( الاثنين) للمرة الثانية
أكيد هو محرمش من أول حلقة ، وعلى الله مش يفصلوه بعد الحلقة دى
ما علينا .. هو حر بقى ، هو اللى جابه لنفسه
المهم يا ريت تشوفوا الحلقة وتقولولى رأيكم - لو كان عندكم وقت طبعا ، ومش هاقولكم لازم تقولوا
إن الحلقة كويسة
وكنت منور الشاشة
والكرافتة دى مشتريها منين
ولا الآراء دى هايلة وربنا يكرمك
ولا كنت راكن المذيع على جنب
ولا إدارة المحطة بتفكر تمشى وليد - المذيع -وتخليك تقدم البرنامج
ولا عقبال ما نشوفك على الجزيرة
لا لا مش ضرورى العبارات دى كلها .. أنا عارف انكم نفسكم تقولوها - ده لو اتفرجتم أصلا على الحلقة
ولكن ما أريده منكم فى البداية أن تدعوا لى ربنا يفتح علينا
ثم تقييم الحلقة وأدائى فيها بشكل صريح ومتجرد
وتذكروا إن المؤمن مرآة أخيه
ويا ريت المراية تكون متلمعة كويس علشان تقولوا رأيكم ، وربنا يستر أحسن الطلوع على الهوا ده شغلانة مش سهلة
نسيت أقول إن الحلقة فى برنامج اسمه ( أخبار الخليجية ) وبتتذاع المفروض 6 ونصف مساء ، بس انتم عارفين بلدنا ماشية بالبركة
فممكن تتأخر شوية تتقدم شوية ، حسب الظروف يعنى

٢٦‏/١١‏/٢٠٠٧

فى مصر فقط


في مصر فقط .. يغرق الشباب الذى يريد السفر للعمل وسداد الديون المتراكمة عليه ، تبتلعه الأمواج القاسية ، ويخذله المفتى الذى يصر على أن هؤلاء الشباب ليسوا شهداء .. يا سيدى اتركهم لله لا تصادر على أمنية أهلهم الثكالى فى أن يعتبروا أبناءهم الضحايا شهداء

في مصر فقط ..ينتهى مرتب معظم الموظفين فى اليوم العاشر من كل شهر ويبدأون فى التسول من خلق الله

في مصر فقط .. يمسك الأطفال والتلاميذ والباعة الجائلون وحتى تباعين الميكروباص بتليفون محمول .. لا يستعملوه إلا فى المنظرة أمام البنات والرن على بعض

في مصر فقط ..ترتفع الأسعار كل يوم .. دون أن يحاول أحد الاعتراض أو حتى الاشمئزاز .. وتقف الحكومة مثل الذى يرى أماه غريقًًًًًًًأ وهو لا يجيد العوم ، محتاسين فى شبر مية .ولسان حال المسئولين يقول : ليذهب الناس كلهم - وليس الفقراء فقط- إلى الجحيم

فى مصر فقط..يضع الناس الأحذية فى فاترينات جميلة نظيفة ويضعون الخبز الذى يأكلونه فى عرض الطريق ليضم كل الملوثات التى يمكن أن تراها فى الدنيا

في مصر فقط .. تلبس البنات الطرحة الجميلة أو الحجاب فإذا كان يوم فرحها تبادر بخلعه ووضع ماكياج " عمرها ما فكرت إنها تحطه فى حياتها " مؤكدة أنها ليلة العمر ، ويرقص أهلها فى الشارع بشكل هستيرى لا فرق بين الرجالة والستات

في مصر فقط .. يترك المكوجى والذى يصلح سخانات عمله ويتجه إلى الغناء وإنتاج الشرائط .. والمغفلين بيشتروا كتير

في مصر فقط .. يرقد مفكر فى قامة الدكتور عبد الوهاب المسيرى مريضا تنهشه الآلام ويقترض من طوب الأرض حتى يكمل علاجه ، فى حين تعالج الدولة على نفقتها الممثلين وحبايب الحكومة من السياسيين المدجنين زى رجب حميدة ، مع إن كلهم لا يحتاجون مليمًًًًًًًًًًًًا من الدولة . بل يستطيعون تسديد ديون بلدنا كلها

في مصر فقط ..يأكل الناس العيش الملئ بالمسامير ونشارة الخشب .. وسندوتشات الكشرى

في مصر فقط .. يحصل بعض اللاعبين محدودى المهارة على الملايين فى حين أن أقرانهم لا يجدون ما يشترون به جاكيت أو بلوفر لمواجهة برد الشتاء

في مصر فقط .. ما زالت السيدات يحملن جراكن وأوعية لملء المياه من الحنفيات العمومية لأن المياه لم تصل إلى بيوتهم بعد

في مصر فقط .. لا يستقيل مسئول ارتكب جريمة ، بل من الممكن أن تتم ترقيته إلى منصب أعلى .. ولا يتم " ركنه " إلا بعد أن يكوش على كل ما يريد .. حدث ذلك مع المئات ومنهم مثلا يوسف والى ومحمد ابراهيم سليمان

في مصر فقط .. تغرق الشوارع فى شبر ميه بعد هطول أى كمية من الأمطار .. ويضطر البشر إلى ممارسة لعبة" الحنجلة " حتى يتمكنوا من العبور
في مصر فقط ..تنتشر أوكار المخدرات فى كل مكان تحت علم الشرطة ، وفى بعض الأحيان بمشاركة رجالها

في مصر فقط .. يوجد شارعين اسمهما فيصل والهرم تمثل مشكلة المرور فيهما أزمة مزمنة .. تستدعى تدخل الأمم المتحدة للوصول إلى حل لها
في مصر فقط ..وفى نفس الشارعين عجيبة من عجائب الزمن .. حيث يتم تقطيع الطريق إلى 3 أو 4 أجزاء حتى يتم تحصيل الأجرة عدة مرات .. الغريب أن الجميع يعرف الظاهرة ولكنها موجود من زمااااااااااااان

٢٢‏/١١‏/٢٠٠٧

وجدى ينفطر على " وجدى "


الشيخ وجدى غنيم أو "كشك اسكندرية " كما يحب البعض أن يناديه ، نموذج للداعية الناجح الذى يثير الغيظ والارتباك والحقد .. بس أكيد مش ليا ولا لمعظم الناس .. ولكن للذين تأكل الأحقاد قلوبهم ويثيرهم نجاح الناس
هو داعية يعرف الإسلام ويعرف كيف يوصله إلى قلوب الناس .. عرفته وسمعته منذ الصغر فوجدته قارئا جيدًا للتاريخ والأحداث ... تسمع منه السيرة فتنساب إلى قلبك ولا تخرج منها مرة أخرى .. تسمع منه السلوكيات فتتحول حياتك إلى تطبيق تلك السلوكيات من دون أن تدرى
أعتقد أن إخواننا الذين طردوه من البحرين خسروا مرتين .. الأولى بأن رفضوا استمرار هذا الرجل فى آداء رسالته السامية إلى الناس
أما المرة الثانية فقد خسروا حين استجابوا لضغط بعض الذين يحسبون أن الدين " شخط ونطر وزعيق وتجهم" فإن
خسارتهم كبيرة وخسارتنا أكبر .. نحن الذين طردناه من بين ظهرانينا لأنه يدعو إلى الله على بصيرة وعلى هدى
منهم لله اللى كانوا السبب

١٤‏/١٠‏/٢٠٠٧

لماذا يحتفل المصريون في أعيادهم .. بالطعام؟

تمثل المناسبات لدى كل مجتمع منظومة وتراثا هائلا .. وما أكثر المناسبات التي يحتفل بها المصريون، من أعياد دينية ومناسبات وطنية وأعياد متوارثة منذ عصور الفراعنة مثل شم النسيم ووفاء النيل وغيرها

وفى هذه الأيام التي يستقبل فيها المسلمون عيد الفطر المبارك بدأت البيوت المصرية في إعداد الكعك والبسكويت والغرّيبة وغيرها من الأصناف التي تميز المائدة المصرية في عيد الفطر
الطريف أن ارتباط العيد بالطعام عند المصريين لا يتوقف على عيد الفطر وحده، بل يمتد ليشمل معظم إن لم تكن كل المناسبات

ارتباط وثيق

ويأتي ارتباط تلك المناسبات -باستثناء الوطنية- لدى المصريين بالمأكولات مدهشًا، ففيما عدا عيد الأضحى الذي يشترك فيه المسلمون في جميع انحاء العالم بتناول اللحوم فهناك "عاشوراء" التي يتم إعداد نوع من المأكولات يحمل اسم المناسبة ، وفى المولد النبوي الشريف لا بد من حلويات المولد، وفى رمضان يكاد لا يمر يوم دون أكل الكنافة والقطايف
أما شم النسيم اقترن بالفسيخ في الأساس ثم تطور الأمر للرنجة والبصل والخس والملانة وغيرهاولكن ما السبب في ارتباط المأكولات بمناسبات معينة ؟ وهل ظاهرة ارتباط مناسبة معينة بنوع معين من الطعام تتجه إلى الانقراض؟ وما علاقة هذه الظاهرة بالتغيرات الاجتماعية؟
هذه الأسئلة وغيرها حاولنا الإجابة عنها من خلال هذا التحقيق

في البداية نشير إلى أن المجتمع المصري يهتم بالطعام اهتماما فائقا ، فتخصص له الأسر مبالغ كبيرة .. وتشير الإحصاءات إلى أن انفاق الأسر الفقيرة على الطعام يلتهم من 67:61% من متوسط إنفاقها، بينما تنفق العائلات التي تنتمي إلى الطبقة الوسطى 56.33% من دخلها على الطعام

ظاهرة عالمية

يؤكد الدكتور مجدي نزيه - مسئول التثقيف الغذائي بمعهد التغذية بالقاهرة- أن ارتباط المناسبات بنوع معين من الطعام شئ معروف في العالم كله لا سيما في البلاد ذات الجذور التاريخية القديمة مثل مصر والصين والعراق الهند، فهذه المجتمعات ترتبط مناسباتها الاجتماعية والدينية بالعادات الغذائية ولكن يبقى لكل مجتمع تميزه وسلوكياته الغذائية الإيجابية والسلبية

وحول فائدة بعض المأكولات التي يتناولها المصريون في مناسباتهم يضيف خبير التغذية أن معظم الأكلات التي يتناولها المصري في المناسبات تتمتع بقيمة غذائية
فالعاشوراء مفيدة لأنها تتكون من القمح وجنينه المحتوى على فيتامين E
أما الفسيخ والملوحة وباقي الوجبات التي ترتبط بشم النسيم فيمكن تناولها بأسلوب صحي جدا إذا تم صنعها في المنزل وتناولها الشخص مع كثير من الليمون وكميات وفيرة من البصل مما يضفي عليها بعدا وقائيا وقد كتب المؤرخ "هيرودوت" عجبت للمصريين .. كيف يمرضون ولديهم البصل والليمون ؟

ويضيف : لابد أن يراعي المستهلك احتياجاته الغذائية المناسبة لسنه وجنسه ونشاطه اليومي ويجب الابتعاد عن المأكولات التي تحتوي على ملوثات حيوية أو كيماوية والخطأ الوحيد في ارتباط المناسبات بالمأكولات هو التركيز على تناول طعام معين في وقت معين

الأجداد أيضا

ولا يقتصر ارتباط المناسبات بالمأكولات على العصر الحديث لكن هناك جذورا تاريخية لذلك ، هذا ما يؤكده الدكتور عبد العزيز عبد الدايم الأستاذ بكلية الآثار بجامعة القاهرة ويضرب مثالا على ذلك بمناسبة عاشوراء حيث كان الشيعة في مصر يخرجون ويلقون قصائد في رثاء الإمام الحسين، وكان الخليفة الفاطمي يقيم ما أطلق عليه "سماط الحزن" الذي لا يقدم عليه سوى الشعير والجبن والعدس، ويحضره الخليفة مرتديا ملابس سوداء

وحين جاء الأيوبيون غيروا عاشوراء وأصبح يوم فرح وسرور وظهرت أكلة "العاشوراء"، وارتبطت بالمناسبة منذ ذلك الحين، وشم النسيم هو عيد فرعوني قديم يأكل الناس فيه الفسيخ والبصل ويقومون بتلوين البيض وهي عادات استمرت حتى وقتنا هذا

أما الدكتور سيد صبحي "أستاذ الصحة النفسية بجامعة عين شمس ومقرر شعبة الرعاية الاجتماعية بالمجالس القومية المتخصصة" فإنه يرى أن المناسبات فرصة لتغذية الجفاء والقحط الموجودين في النفس؛ شارحًا ما يعنيه بقوله "الطعام من شأنه تجميع الناس والجلوس في جماعة، ولا يتم ذلك بدافع التهامه ولكن لتكريم

ويشير سيد صبحي إلى أن مناسبات العالم المتحضر أيضا ترتبط بالطعام ويعد ذلك من فلكلورية الشعوب عالية القيمة
ويحذر الدكتور سيد صبحي من الابتعاد عن الأصالة ويؤكد أن هذه العادات هي الخيط الأخير الذي لابد أن نتعلق به للحفاظ على هويتنا وأصالتنا واحترامنا لذاتنا

ظاهرة صحية

وتشاركه في الرأي الدكتورة سامية خضر "أستاذة الاجتماع بجامعة عين شمس" حيث ترى أن ارتباط المناسبات بأنواع معينة من الطعام ظاهرة صحية للغاية، وأمر مشروع، ويشيع البهجة في المجتمعات
ولكن العيب الوحيد في هذه الظاهرة – كما ترى أستاذة الاجتماع - هو الإسراف في كمية الطعام الذي يعتبر من سمات الدول النامية
وتشير إلى أن الفقراء أكثر إسرافا من الأغنياء لعدم قدرتهم على التنظيم

رأي الشريعة

وللتعرف على رأي الشريعة الإسلامية في مسألة ارتباط المناسبات بأنواع معينة من الطعام سألنا الدكتور سعيد أبو الفتوح "أستاذ الشريعة الإسلامية بحقوق عين شمس الذي قال "إن الإنسان إذا أراد أن يوسع على آهل بيته بأشياء غير محرمة في مناسبة ما، فلا مانع من هذا شرعا بحيث لا يصل الأمر إلى الاعتقاد بأنه من الوجب عليه أن يفعل هذا وإلا صار الأمر من قبيل البدعة التي يجب أن نحاربها

١١‏/١٠‏/٢٠٠٧

"البلح الطائر" دليل تكافل المصريين!


تثبت الأيام كل يوم أن شعبنا ما زال ينبض بالحياة، لم يفقد التنفس أو الإحساس بالحياة بعد ،وأنه شعب ودود لم تفارقه المودة والتعاطف الذي يميز أهله منذ القدم وتراجع قليلا ـ لكن لم يختفي - الاعتقاد بأننا فقدنا الإحساس ببعضنا أو تبين الشعوب بالتراحم والتعاطف بيننا إلى حد كبير

ولا شك أن البعض قد يعترض على وجهة نظري ، مبدين تأكيدهم أن المصريين اصبحوا أكثر أنانية وحرصا ، وأقل تعاونا وتواصلا مع الآخرين ، وقد يسوق هؤلاء أدلة من قبيل الحوادث التي تقع بين الحين والآخر، ونفاجأ فيها بأن أخًا قتل أخاه ، أو أبا انتزعت الرحمة من قلبه فألقى أبناءه إلى مصيرهم المحتوم

كما قد يتذرع هؤلاء بالأبناء القاسية قلوبهم على آبائهم وأمهاتهم فلجأوا إلى الاعتداء عليهم أو قتلهم و إنهاء حياتهم
ولا شك أن ذلك كله يحدث وأكثر ، فكلنا يتابع الأحداث، ويدرك أن هناك فئة من المصريين لم تعد قلوبها تنبض ، ولم يمسي الدم المصري يجري في عروقهم ، فلجأوا إلى نهب أموال أبناء جلدتهم ، بل وتفريغ بعض البنوك من كل مواردها المالية ، ويدرك المتابع العادي أيضا أن هناك نوعا من اللا مبالاة والأنانية والأنا مالية أصبح هو المسيطر على قطاع آخر من أبناء شعبنا

إلا أنني مع ذلك ما زلت مصرًا على موقفي ، مشددًا على استمرار الغالبية العظمى على أخلاقها ومبادئها وحبها الفطري للخير وخدمة الناس وإيثارهم على أنفسهم ولو كان بهم
وتعمق لدى هذا اليقين خلال هذا شهر رمضان الذي تنفسنا عبيره وتعرضنا لنفحاته خلال الأيام الماضية

ولا شك أنك -عزيزي القارئ - طالعت بعضًا من هذه السلوكيات التي سأشير إليها باختصار ، أو كنت أنت شخصيا واحدًا من أبطال هذه المواقف الرائعة التي قل أن تجدها في شعب آخر من شعوب الأرض
البلح الطائر

واسمحوا لي أن ابدأ بواحدة من الظواهر الرمضانية المميزة التي أتعرض لها يوميا ،وأكون في قمة السعادة بها

وأعني ظاهرة (البلح الطائر) وهي فكرة مصرية عبقرية تقوم خلالها أعداد لا حصر لها من الشباب عن بداية كل منطقة أو مدينة أو قرية تقع على أحد الطرق السريعة بإعداد أكياس من البلح الجيد وتوزيعها على ركاب السيارات التي تمر حاملة الصائمين والتي يتصادف مرورهم أمام تلك المناطق وقت صلاة المغرب أو قبله

بدأت الظاهرة بالبلح لكنها لم تنته عنده حيث بدأ البعض يفكر في وسائل أخرى لإفطار الصائمين إفطارا سريعا (تيك أواى) ، فأصبح هناك من يوزع العصائر الطازجة أو علب الأرز باللبن أو عبوات العصير الجاهزة ، فضلا عن المشروبين الأشهر للصائمين وهما العرقسوس والتمر الهندي

وهي الظاهرة التي أعاينها كل يوم وأسعد بها للغاية، ليس بسبب البلح والمشروبات الشهية التي أحصل عليها فقط ، حيث أني واحد من معتادى الإفطار في سيارات الميكروباص خلال رحلتي في العودة من عملي إلى حيث الإفطار مع زوجتي وأبنائي، لكن مصدر سعادتي هو أن هذه الظاهرة تثبت لي يوما بعد يوم أن الخير في هؤلاء المصريين رغم ظروفهم التي لا تسر عدوًا فضلا عن الحبيب

الصواني المغطاة

أما ثاني الظواهر فهي ما أطلقت عليها اسم "الصواني المغطاة" حيث تجد وقت الإفطار الكثير من الصواني التي يتم تغطيتها بأوراق الصحف ، وتحمل وجبات ساخنة تتجه كل يوم إلى حيث تسلم عائلات لا تستطيع تدبير إفطار لأبنائها ।وهى الظاهرة التي تعتبر استنساخا لصورة هائلة من صور التكافل التي يتميز بها المصريون في المناسبات ، خاصة في المآتم حيث يصبح من الطبيعي أن يرسل الجيران الى أهل المتوفى تلك الصواني المغطاة لتكون طعامهم في الوقت الذي يغطى الحزن على أي استعداد لديهم لإعداد طعام أو اشتهائه .ولعل هذا الاستنساخ يمثل سلوى لهؤلاء المحتاجين الذين ينتظرون مثل هذه المواسم لتناول أنواع ليست ضيفا دائما على مائدتهم

ولا تبتعد عن تلك الظاهرة ما أشاهده في شارع فيصل – بالتحديد – كل يوم قبيل الإفطار حين تتوقف سيارت فارهة أمام بعض الفقراء أو جامعي القمامة الذين ينتشرون بطول الشارع في هذا الوقت ، ليعطيهم قائد السيارة وجبة تكفى لإفطار شخص أو أكثر ، وهى ظاهرة ليست قديمة ، وأعتقد أنها استجابة طبيعية من المقتدرين على زيادة أعداد المحتاجين

الموائد العامرة

ولست في حاجة للكتابة عن " موائد الرحمن " التي أصبحت واحدة من العلامات المميزة لشهر الصيام ، وبدأت تنضم سنويا أعداد أكبر من أصحاب هذه الموائد الرمضانية التي تمتد لتشمل بكرمها أعداد أكبر من الذين بخلت عليهم الدنيا لدرجة أنها بخلت عليهم بوجبة جيدة يتناولونها في بيوتهم فاضطروا للحصول عليها في الشارع ، إلا أنه في النهاية يبقى المعنى التكافلي في تلك الموائد الرحمانية الخيرة واضحًا

شنطة الخير

وتبقى " شنطة رمضان " وهى واحدة من الأفكار العبقرية التي ابتكرها المصريون للتغلب على العوز الذي ينتاب الآلاف في نفس الوقت الذي يمنع الحياة هؤلاء من أن يتناولوا طعامهم في الشارع أو يقبلوا صدقات مباشرة من المحسنين

و" شنطة رمضان " لمن لا يعرفها هي فكرة يتم على أساسها جمع أهم ما تحتاجه البيوت خلال شهر رمضان من سمن وسكر ومكرونة وعدس وقمر الدين والبلح ، وغيرها من الأصناف التي لا يخلو منها أي مطبخ مصري خلال تلك الأيام المباركة ، ولأنهم يشعرون بمعاناة الفقراء تقوم أعداد متزايدة كل عام من المحسنين والنشطاء بتجميع هذه " الشنطة " وتوزيعها على فقراء الحي الذي يسكنون فيه

وهذه الظواهر بلا شك بعض مما يشهده الشارع المصري من علامات التكافل والمودة التي يراهن بها المصريون على أن تكافلهم لم يذوب ، وأن تعاطفهم وسعيهم للخير سيبقى الى الأبد


٦‏/١٠‏/٢٠٠٧

أمتنا في انتظار المسحراتي


يأتي رمضان كل عام ولابد أن يأتي معه، لا يكاد يفارقه أو يتأخر عنه ...إنه من العلامات المميزة لهذا الشهر الكريم في العالم العربي؛ عن المسحراتي أتحدث؛ إنه ذلك الشخص الذي لا يتوقف عن السير في شوارع المدن والقرى ليس له هدف إلا إيقاظ المسلمين لتناول السحور اقتداء بسنة النبي، ولا يهدأ المسحراتي- الذي لا يظهر إلا في هذا الوقت -عن النداء على سكان كل منطقة يمر بها داعيا إياهم إلى عدم النوم إلا بعد تناول السحور حتى يتقووا على الصيام
والمسحراتي ليس فقط الذي يوقظ الناس لتناول السحور، لأنه يوجد عدد آخر من "المسحراتية "إلا أن عملهم لا يرتبط بشهر واحد حيث يعملون طول العام، فماذا تسمي أصحاب الدعوة الذين يحاولون إصلاح الأمة ومطالبتها بالعودة إلى الله تعالى، والالتزام بشرعه، ويدعون دائما إلى الإصلاح بكافة أنواعه، مهما كلفهم ذلك من جهد ومال
وماذا تطلق على العلماء الذين لا يقبلون أن تعيش الأمة في جهل متواصل فيصدعون بكلمة الحق في وجوه الظالمين، موضحين أحكام الشرع في كافة القضايا التي تهم الناس في حياتهم وأخراهم ،هل ينكر أحد أنهم "مسحراتية " يوقظون النيام من غفوتهم، ويلكزون الغافلين حتى يفيقوا من غفلتهم، فلم يعد الوضع يتحمل أن ننام خاصة بعد أن اتضحت الأهداف الاستعمارية التي تسعى إليها أمريكا والصهاينة متعاونين مع الغرب. وكيف ترى العلماء الذين نذروا حياتهم لتحقيق التطور العلمي الذي تأمله بلادنا ؟
ويطرح تساؤل مهم نفسه .. هل يمكن أن يواصل المسلمون سباتهم العميق في الوقت الذي استيقظت فيه كافة الشعوب والأمم؟
أرأيت إلى اليابان ودول جنوب شرق آسيا وغيرها من الدول التي كانت تعاني أشد المعاناة إلا أن "المسحراتية " قاموا بواجبهم في إيقاظ تلك الأمم، ويبقى دور"المسحراتية "في بلادنا الذين ننتظر منهم جهدا أكبر في الفترة المقبلة حتى نستطيع اللحاق ما أمكن بركب الحضارة الذي غادرنا منذ فترة ليست بالقصيرة لكن
هل تحتاج أمتنا بالفعل إلى "مسحراتية" يمرون عليها لإيقاظ أبنائها ؟
وهل نومنا عميق إلى تلك الدرجة التي لم نستيقظ منها رغم جهود أعداد كبيرة من المسحراتية على مر العصور ؟ وماذا ينقص أمتنا لأن تصحو من الغفلة وتنفض التراب عن كاهلها ؟
والسؤال الأهم .. هل تستجيب أمتنا لصوت المسحراتي إذا نادى عليها ؟

هل نحتاج المسحراتي ؟
هذه الأسئلة وغيرها طرحناها على عدد من المفكرين والعلماء ففي البداية يبدي الدكتور أحمد فؤاد باشا " نائب رئيس جامعة القاهرة الأسبق " تأييده للفكرة مشيرًا إلى أننا نحتاج بالفعل إلى مسحراتي يوقظ النائمين من أبناء الأمة، وينبه الغافلين إلى دورهم في البناء الحضاري للأمة، أو تبصيرهم بحق دينهم. ويلفت إلى أننا نحتاج من ينبه العاصين إلى إعادة النظر في أولوياتهم، حتى يروا ما الأجدر بالاهتمام لصالح دينهم ووطنهم، ولكي يتركوا الانغماس في هذا اللهو ويأخذوا الأمور بجد في عالم احتدم فيه السباق بين الدول، وانقسم العالم إلى شمال متقدم وجنوب متخلف، متسائلا : هل رضينا بتصنيفنا إلى جوار المتخلفين وركنا إلى ذلك ؟ ويرى باشا -العميد الأسبق لكلية العلوم- أن المسحراتي يجب أن يكون جرس إنذار يدق للتأكيد على أهمية العلم والعمل والأخلاق والقيم، في وقت نستورد فيه كل شيء، ولا نستطيع توفير المقومات الأساسية للحياة، مشيرا إلى أهمية الخروج من فلك التبعية، والانتقال من مرحلة الوهم إلى الواقع
ويشدد على أن الأسوأ لم يأت بعد"، وأن امتنا في انتظار غد لا يعلم حقيقته إلا الله، حيث سنواجه مشكلات عصية على الحل إن لم نفق من غفلتنا الطويلة، لافتًا إلى أن هذه النقطة حتمية لإحياء أجيالنا المقبلة، والتوقف عن التقصير الذي يعتبر جريمة بكل المقاييس في حق تلك الأجيال
ويشدد الدكتور أحمد فؤاد باشا على ضرورة الانتقال من حالة السكون المخيم على مسيرتنا الحضارية منذ فترة طويلة إلى الحركة التي هي أساس الكون
الإصلاح الشامل
ورغم تأكيده على أهمية دور "المسحراتي " الذي يرمز إلى الإصلاح إلا أن الدكتور أحمد عبد الرحمن -أستاذ علم الأخلاق- يشدد على ضرورة ألا يكون هذا الإصلاح جزئيا، عن طريق تغيير بعض الوزراء أو السياسيات في دول عالمنا الإسلامي، وألا يكون الإصلاح جزئيا عن طريق التخلص من نموذج "البغل الثقافي " الذي نتمسك به ، ويعني أستاذ علم الأخلاق بمصلح "البغل الثقافي " الهجين والاختلاط الثقافي الذي نعاني منهلافتًا إلى ضرورة أن نكون مسلمين خالصين نستفيد من الحضارات الأخرى لكن لا ننغلق على أنفسنا، وفى الوقت ذاته لا نذوب في تلك الحضارات

ويشير إلى أنه إذا عدنا للإسلام بشكل حقيقي سينبثق تعليم وأخلاق وسياسة خارجية وثقافية قادرة على الوقوف فى وجه الأخطار التي تهدد الأمة
ويشير في نفس الإطار إلى أهمية وجود علاقات ثقافية واجتماعية بين الدول الإسلامية إذا تعذرت الوحدة السياسية.
ويلفت الدكتور أحمد عبد الرحمن إلى عدم جدوى المنبهات الجزئية التي تنطلق في الأمة بين الحين والآخر، في الوقت الذي نفتقد فيه الحلول الجذرية لمشاكلنا في ظل عدم الالتزام
وأكد أن الإصلاح والنهضة مرهونان بعودتنا إلى الجذور والمنبع في الفكر والاعتقاد، التي سينبثق منها الاقتصاد والعدالة الاجتماعية والسياسية السليمة والأخلاق الإسلامية التي نصبوا إليها جميعا".
مليار مسحراتي!


أما الدكتور عبد الشافي عبد اللطيف -أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة القاهرة- فضحك كثيرا حين أخبرته بفكرة مسحراتي الأمة قائلا: يا ولدي أمتنا في حاجة إلى مليار و300 ألف مسحراتي؛ لأن كل مسلم يحتاج الآن إلى مسحراتي يوقظه من غفوته.

لافتا إلى أن المسحراتي لا يمكن أن يوقظ أمة نامت من 500 سنة، ويشير إلى أهمية هذه اليقظة في الوقت الذي نخضع للهيمنة الاستعمارية البشعة من قوة قادرة.
ورغم ذلك يشدد أستاذ التاريخ الإسلامي على عدم اليأس من كثرة الأمراض، لافتا إلى أنه كما يوجد من يوقظ الأمة فهناك من يسعى إلى زيادة غفلتها والعمل على أن تظل غارقة في التخلف.
ويلفت إلى مرض مزمن يجب علاج الأمة منه، وهو الميل للتنازع والتنافر، مطالبا في الوقت نفسه بالوقوف على أرضية واحدة لأن "الأعداء يستهدفوننا جميعا " ويطالب بأن يسود التعاون والحوار بين كافة دول عالمنا الإسلامي.
ويضيف الدكتور عبد الشافي : "الأعداء وظيفتهم التفريق، تصورنا أننا خلصنا من استعمار قديم، فإذا بنا نواجه باستعمار غاشم يقوده الأمريكان الذين يصوبون مدافعهم للكتاب والسنة".
وأضاف : "يجب أن تنظر أمتنا لمصالحها وتحاول استعادة كرامتها وعرضها وأرضها.
ويشير في هذا الإطار إلى تجربة فريدة قادها الزعيم التركي "نجم الدين أربكان " حين شرع في تشكيل ما أطلق عليه "مجموعة الثمانية"، والتي ضمت عددا من الدول الإسلامية الكبيرة مثل مصر والسعودية وإيران وماليزيا لتصبح نواة للوحدة الاقتصادية بين المسلمين الذين يتجاوز عددهم المليار شخص، إلا أن هذا التجمع أجهض نتيجة الضغوط الأمريكية المكثفة.
ويشدد أستاذ التاريخ الإسلامي على أن أمتنا لم تعدم على مدار تاريخها من المصلحين الذين لعبوا دور المسحراتي مثل صلاح الدين الأيوبي وقطز وبيبرس وعماد الدين زنكي، ونور الدين محمود وغيرهم، واصفا إياهم بأنهم كانوا رجالا حموا الأمة ودافعوا عنها ضد أعدائها.
وفى المقابل يستنكر دور الأنانية التي يتمتع بها عدد كبير من أبناء الأمة في الوقت الحالي داعيا إلى عدم منح الأعداء فرصة الإضرار بنا أكثر من ذلك. نحتاج الزعيم
ومن جانبه شدد اللواء طلعت مسلم "الخبير الاستراتيجي " على أن الأمم لا يوقظها المسحراتي بل تحتاج إلى زعيم وقائد يقود الناس مبررا رأيه بأن في أمتنا يلعب الكثيرون دور المسحراتي إلا أن دورهم ليس مؤثرا لأن الناس يسمعون تنبيههم ثم يعودون إلى غفوتهم مرة أخرى، فضلا عن أن الأغلبية لا تسمع، معتبرا أن الصحفيين والمفكرين والمثقفين وقادة الرأي هم طليعة "المسحراتية".
إلا أنه يستدرك قائلا إن ذلك ليس مبررا لعدم قيام هؤلاء المصلحين بدورهم حتى لو لم يجدوا نتيجة لذلك، ضاربا المثال على ذلك بنبي الله نوح عليه السلام الذي ظل (يسحّر) قومه نحو 950 عاما ولم ينتبه منهم إلا القليل.
داعيا إلى عدم تعجل النتيجة ، لأن المجتمعات لا تصلح عن طريق أزرار يتم الضغط عليها لكنها تسير وفق قوانين محددة .
وأضاف اللواء طلعت مسلم أن اشتداد الأزمة التي تعيشها أمتنا هي من علامات انتهائها والتحول إلى وضع أفضل، مكررا التأكيد على دور الشخصية القادرة على التأثير في الناس، ووضع تصورات عملية للحل وليس مجرد تحديد مبادئ من دون توفير حلول عملية للمشاكل المزمنة التي تعانيها الأمة.
هل سنسمع النداء ؟
أما التساؤل الذي يطرح نفسه فهو: هل أمتنا ما زالت تمتلك قابلية الإنصات لصوت المسحراتية والمصلحين وهل تسمح مقوماتها بالانطلاق مرة أخرى بعد أن توقفت لفترة طويلة؟
الدكتور أحمد فؤاد باشا يؤكد أن الأمة مهيأة للاستيقاظ تماما ولا ينقصها إلا الإرادة، لافتا إلى الشعار الذي يردده المؤذن في استقبال كل يوم جديد حين يقول الصلاة خير من النوم وهو ما يعني أيضا أن الكفاح والعمل ووضع هدف حضاري لتحقيق صالح الأمة خير من الكسل والتراخي والتفريط في الحقوق .
وهو ما يوافق عليه الدكتور أحمد عبد الرحمن الذي يشير إلى أن أمتنا تعرضت لأبشع عمليات المسخ، ورغم ذلك لا تزال حريصة على دينها ، في الوقت الذي تقف في مواجهة أعتى دول العالم، وأضاف " أمتنا مستعصية على المسخ والعبث في الوقت الذي مسخت واستسلمت دول كثيرة.وقال : أمتنا الوحيدة التي تقول لا حتى الآن لكل ظالم، وهذه الأمة التي تقرأ المصحف غرس الله في قلوب أبنائها شعلة ترفض الذل والمهانة والتبعية، وهو سر إلهي في قلب كل مسلم. ولفت الدكتور عبد الرحمن " إلى أننا أمة غنية ثقافيا وخلقيا وماديا ، نحتاج فقط أن نتوحد على الإسلام .
ويتفق معهما الدكتور عبد الشافي عبد اللطيف في أن مقومات النهضة موجودة لدينا لكن أعداءنا يبذلون جهودا جبارة في بعثرة هذه الجهود وتشتيتها.
ودلل "عبد اللطيف" على رأيه بأننا نمتلك نصف الحضارة الغربية بسبب علمائنا ومبدعينا الذين يشاركون في صناعة تلك الحضارة".
ويرى أن الغرب يدرك تماما أننا قادرون على الاستيقاظ وتولي زمام الحضارة، لذلك يحاول دائما أن ينشر اليأس والإحباط في نفوس المسلمين .
ويشير في النهاية إلى التجربة الماليزية التي استجابت للمسحراتي ونفضت الغبار عن رأسها فأصبحت الآن تقف في مصاف الدول الكبيرة.
وبعد ...فما زلنا حتى هذه اللحظة في انتظار المسحراتي.. فهل سيتأخر كثيرا أم أننا يمكن أن نسمع قرع طبلته عن قريب ؟!.

٢١‏/٩‏/٢٠٠٧

وداعا علاء عصام

يغادر عالمنا كل يوم أعداد لا يستطيع أن يحصيها أحد ، كلها ينتقل من دار الفناء إلى دار الخلود .. من الدار التي تظنها دار البقاء إلى البقاء ذاته
وتستقبل القبور كل دقيقة وافدًا جديدًا ينضم إلى قائمة الذين كتب عليهم أن يعاينوا الحقيقة بأنفسهم ، ويشاهدوا ذلك الموت الذي طالما خاف منه الناس
وقبل رمضان بأيام معدودة استقبلت إحدى تلك المقابر شابًا في ريعان الشباب وفتوته .. كان في مقتبل العمر .. يستقبل الحياة بالبشر والترحاب .. إلا أن ما كتب له كان مختلفا
كان علاء عصام شابًا يشتعل نشاطا وحيوية ، تتدفق من بين حناياه روح وثابة وتتطلع إلى مستقبل مشرق
كان يحلم ـ مثل الملايين من أقرانه ـ بالزوجة الجميلة والأبناء الذين يتقافزون من حوله ، وبان يكون له مسكن مستقل يرتب فيه أشياءه وفق رغبته الخاصة
إلا أن حقيقة الموت كانت أسرع إليه من تلك الأحلام التي أصبحت كلها سرابا ليس إلى الوصول إليه من سبيل
أخي الراحل عن دنيانا الفانية ..لم اكن اعلم أنى احبك كل هذا الحب ، وأن لك في قلبي ذلك المكان الأثير إلا بعد أن وقفت أمام قبرك الذي أغلقت عليك أبوابه ، ودارت في ذهني مشاهد كثيرة لضحكاتك التي كنت تملأ بها الآفاق ووسامتك الواضحة ، وحسن هندامك واهتمامك بنفسك
وتتابعت أمام عيني صورتك وأنت جالس تستمع وتتنافس وتضحك وتطلق خواطرك
كم حدثتني عن المشروع الذي كنت تحلم به وبدأت في تنفيذه ، وكم لحظت في عيونك رغبة جامحة في فعل الخير ، والإيجابية في مساعدة الناس
أخي .. كم كانت صدمتنا مروعة حين سمعنا خبر انتقالك إلى الرفيق الأعلى ، وكم كانت مصيبتنا اشد حين شيعناك إلى مثواك الأخير وأيضا انك لن تعود معنا . كانت الحشود التي خرجت وراءك دليل على حب الناس لك ، وهى شهادة مباشرة لك من هؤلاء جميعا على حسن خلقك وتفانيك في دعوتك إلى الله

وإذا لم تكن تمكنت من تحقيق حلمك في اختيار بنت الحلال في الدنيا . فنحسبك قد ظفرت بأجمل منها في مثواك الأخير
بقدر ما كان موتك المفاجئ مفجعا لنا إلا أنه كان رسالة واضحة بأن الدنيا لا تدوم ، وأنه هكذا الأيام تنقضي ولأنه لابد للجميع من لحظة يفارقون فيها أحبابهم دون إرادة أي من الطرفين
فهلا استعددنا نحن أيضا لهذه الحقيقة ، وشمرنا عن سواعدنا للعمل لهذا اليوم المحتوم
يقينا ॥ افتقدتك أسرتك وأصدقاؤك وإخوتك ، ولكن هل وصلت الرسالة لهؤلاء جميعا ؟

هؤلاء كتبوا عن علاء

وداعا علاء

قلب آخر لم يخلق للحياة

وداعًا يا أعز الأصدقاء

وداعًا أخى وحبيبى علاء

علاء لا تنسى موعدنا الحوض

علاء مات

علاء رحل

البسمة الباكية

أرغب فى نظارة شمسية

٦‏/٩‏/٢٠٠٧

رمضان في ظلال القرآن


نشرهذا الحوار مع عالم القراءات والصوت الذى تخسر كثيرا إن لم تكن سمعته
مع الدكتور أو الشيخ عبد الحكيم خاطر ، وهو الحوار الذى كنت أتمنى إجراءه منذ سنوات طويلة ، وأحمد الله أن وفقنى إلى ذلك
الحوار منشور فى الصفحة الرمضانية لموقع
إسلام أون لاين على الإنترنت
أسأل الله أن يستفيد منه الجميع

رمضان في ظلال القرآن



خلقنا الله لنعبده ونعرفه ونسير إليه "يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه" وخلال سيرنا إلى الله لا بد من سياج ومنهج يحرس السائرين ويمنعهم الابتعاد عن منهج الله। ويمثل القرآن هذا السياج। هذا الحوار
كما تحتاج الأمة إلى أن تحافظ على مصدر عزها، "لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم" فشرف هذه الأمة ومصدر فخرها هو أن تنسب إلى كتاب الله، فإذا طلب قوم العزة في غير كتاب الله أذلهم الله تعالى"، ومن أراد أن يعيش العزة فليعشها في وحي الله فالعز كله في ارتباط الإنسان بالقرآن.
بهذه الكلمات الجميلة بدأ حوارنا مع واحد من أهل القرآن، نذر نفسه لدراسة كتاب الله وعلومه منذ طفولته المبكرة، فحفظ القرآن الكريم في سن الثانية عشرة، وعلّمه لعدد كبير من أبناء المسلمين بعد ذلك، إنه د. عبد الحكيم خاطر (عضو لجنة مراجعة المصحف الشريف بمجمع الملك فهد بالمملكة العربية السعودية)، الذي يطوف بنا في رحلة نورانية لحياة قرآنية خاصة في شهر رمضان.
نفحات رمضان وعبير القرآن
* رمضان والقرآن قرينان يشفعان للعبد يوم القيامة.. فكيف لنا أن نصل إلى هذه الشفاعة؟
** ارتباط رمضان بالقرآن وثيق؛ لأن القرآن نزل في رمضان وكان جبريل عليه السلام يدارس نبينا -صلى الله عليه وسلم- القرآن في شهر رمضان، فالدراسة والقراءة والفهم للقرآن في رمضان تزكي الإيمان، وتجعل الإنسان مقبلا على الله، محققا هدف الشهر الكريم.
والصيام والقرآن شفيعان "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب إني منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان". فالمؤمن الحريص على الاستفادة بوقته ينتهز هذه الفرصة التي لا تتاح إلا مرة واحدة كل عام، فيشغل أوقاته بتلاوة القرآن وتدبره وتعلم أحكامه ومطالعة تفسيره والعمل بما جاء فيه.
والمسلم الذي يريد أن يجدد إيمانه عليه أن يصوم نهارًا، ويجلس على مائدة القرآن نهارًا وليلاً، وأن يكون له ورد في الحفظ والتلاوة خلال هذا الشهر، فرمضان فرصة لا تعوض لأن يعايش الإنسان القرآن ويعيشه. وليس مطلوبًا أن يختم المسلم القرآن عددا معينا من المرات، ولكن ما يريده الله منا أن نقرأ بفهم وتركيز، حتى نرتبط بكتاب الله، ويكون ذلك دافعًا للاستقامة في الحياة، فالقرآن تربية وتزكية للنفس.
والناس يتفاوتون في حرصهم على هذا الشهر والاستفادة من أوقاتهم فيه، كل وفقا لطاقته ووقته، ولكن في كل الأحوال لا يجب أن يحرم الإنسان نفسه من هذا الخير الذي ليس له حدود فالله تعالى يقول: "فاتقوا الله ما استطعتم"، والإنسان قدر ما يستطيع لا بد أن يستفيد بوقته خاصة في رمضان حتى يعيش مع كتاب الله تعالى فـ"إن هذا القرآن حبل اللّه والنور المبين والشفاء النافع عصمة لمن تمسك به ونجاة لمن تبعه لا يزيغ فيستعتب ولا يعوج فيقوم ولا تنقضي عجائبه ولا يخلق من كثرة الرد اتلوه فإن اللّه يأجركم على تلاوته كل حرف عشر حسنات أما إني لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف".
والله تعالى يضاعف لمن يشاء وأجره جزيل، يعطي الأجر الكبير على العمل القليل، وعلى المؤمن أن ينتهز فرصة الصيام فيقرأ كتاب الله بتمعن ودراسة واستيعاب، ويسأل الله أن يتقبل فيه قراءته وأن يوفقه للعمل به، حتى يؤنسه ويكون شفيعا له في قبره.
الكتاب المبارك في الزمان المبارك
* شهر رمضان كله خير.. ولكن لتتم الفائدة فما أنسب وقت لقراءة القرآن في رمضان؟
** يختلف هذا الوقت من إنسان لآخر، كل حسب نشاطه وجهده ولكن يجب أن تكون القراءة في وقت النشاط، وأن يتخير الشخص الأوقات التي تصفو فيها روحه وتسمو، وليس مهما مقدار القراءة لأن "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل".
وأنا شخصيا أحب قراءة القرآن بعد السحور أو بعد صلاة الفجر، فخير الأوقات للقراءة ما كانت فيه النفس صافية ومقبلة على الله تبارك وتعالى، ومهيأة للتلاوة، فلا يجب أن يقرأ أحدنا القرآن وهو مشغول، أو يفكر في أمور المعاش، بل يفرغ قلبه ووقته للتلاوة حتى يستفيد من القراءة، وهناك أوقات مناسبة لقراءة القرآن مثل: (بعد السحور وبعد صلاة الفجر، أو عندما يستيقظ الشخص قبل الذهاب إلى عمله، وقبل المغرب بساعة).
وأذكر أن أحد مشايخي كان يختم القرآن كل يوم مرة، فحفظ القرآن عنده كان كسورة الفاتحة بالنسبة لنا، ويجب أن لا يهجر المسلم القرآن يومًا واحدًا، وهناك أثر نبوي يقول فيه النبي "إذا جاء علىَّ يوم لم أزدد فيه علما يقربني من الله فلا بورك لي في شمس هذا اليوم".
وهذه فرصة أن نستغل هذا الكتاب المبارك في الزمان المبارك، فهو ظرف للخير، من حرص على هذا الخير انتفع به، وخرج من ذنوبه، وكفر الله عنه خطاياه، واستفاد من هذا الشهر ليشحذ همته ويعد نفسه لبقية الشهور الأخرى.
فرمضان شهر تربية النفس وإعدادها، وهو بمثابة شحن للبطارية حتى تستطيع مواصلة العمل، فالنفس تحتاج إلى شحن حتى تقبل على الله، وبهذا الإقبال تكون همة المسلم عالية، ويكون عمله مقبولا عند الله؛ فالله يحب من عباده أن يقبلوا عليه في هذه الأيام المباركة.
* يتسابق الناس لختم القرآن في رمضان أكبر عدد من المرات فهل هناك أفضلية لهذا السابق؟
** لا شك أن كثرة التلاوة، وختم القرآن عدة مرات فيه ثواب عظيم، إلا أن ذلك يجب ألا يلفتنا عن القراءة بتدبر وتفكر.
* أيهما أفضل وأعظم أجرًا.. أن يحفظ المسلم القرآن في رمضان أم يكثر من التلاوة؟
** كثرة التلاوة بالطبع أفضل، مع حفظ قدر قليل من القرآن، ولكن لا مانع بالطبع من حفظ قدر أكبر لمن استطاع، وأخبرني بعض من أثق فيهم أن أحد طلاب الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة اعتكف في المسجد طيلة شهر رمضان فحفظ القرآن في هذا الشهر، وهذا شيء نادر، لأن هذا الطالب كان حريصا على الاستفادة من الشهر بأقصى درجة، فأعطاه الله ما يريد.
وبالطبع ليس ملزما للجميع أن يحفظوا القرآن بنفس الشكل، ولكن هذا يرجع إلى التركيز والإقبال على الله، وهذه موهبة من الله لبعض عباده.
لنحيا بالقرآن
* نزل القرآن في رمضان على قلب المصطفى صلى الله عليه وسلم فكيف نستشعر أنه قد أنزل على قلوبنا كذلك؟
** يعيش المؤمن جو القرآن، ويوقن أنه مخاطب به، فالله تعالى يقول: "تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا" فخطاب الله للنبي هو خطاب للأمة في شخصه الكريم، فإذا استشعر المسلم هذا المعنى، وأن كل خطاب من الله موجه إليه فهذا يجعله مهيئًا لأن يتقبل أوامر الله تعالى برضا، وأن يستفيد من كتاب الله استفادة تامة.
* منّ الله عليكم بحفظ القرآن وإمامة المصلين في التراويح في كثير من البلدان فكيف تستشعرون العلاقة بين التراويح والقرآن في رمضان؟
** التراويح والقرآن زاد الإيمان في رمضان، وإن المرء ليتعجب لآلاف الناس الذين يسارعون في الصلاة في غير رمضان ثم يحرصون على صلاة التراويح خلف إمام يختم القرآن في رمضان ويصبرون على الصلاة وقوفًا والدعاء في الختمة لساعات، إنها بركة الشهر الفضيل، ونقاء القلوب حين تصفد الشياطين ونفحات الإيمان ينثرها الرحمن على قلوب عباده المخبتين التائبين.
وأذكر أنه من أروع الفترات التي صليت فيها التراويح في حياتي حين كنت أصلى أواخر السبعينيات بمجموعة كبيرة من شباب الصحوة الإسلامية في مصر الذين أقبلوا على الله بشغف، وكانوا شبابا صالحين تشعر معهم بالقرب من الله، وكان القرآن حينئذ له طعم مختلف، وأذكر أنه في إحدى المرات حين حضرت من السفر -وكان ذلك يوم 23 رمضان- كان الإمام قد وصل إلى الجزء الثالث والعشرين، فأكملنا الأجزاء السبعة الباقية من القرآن، وبدأنا في "الختمة" الجديدة وأتممناها في الأسبوع الأخير من الشهر، وكنا نوزع القراءة على التراويح ثم نستريح قليلا ونكمل الصلاة ثم ننام ونستيقظ للتهجد، وهكذا منّ الله علينا بقراءة 37 جزءً في الأسبوع الأخير من رمضان.
* البعض يبدأ شهر رمضان بإقبال شديد على قراءة القرآن، ثم ما يلبث أن يصاب بفتور، فما العلاج؟
** العلاج يتلخص في الاستمرار على ورد معين حتى لو كان قليلا، والمفروض أن معدل القراءة يزداد بالتدريج في رمضان ولا يقل، وأنصح بأن يقرأ المسلم على أحد الحفظة حتى يتمكن من الحفاظ على ورده طول الشهر، وذلك حتى يلزم نفسه بالقراءة ولا يتكاسل.
وأذكر أن فضيلة الشيخ محمد الغزالي رحمه الله كان يحضر أحد الحفظة ليراجع عليه –الغزالي- القرآن، كما كان يقرأ عليه وِرْدَه اليومي، وذلك حتى يظل القرآن في ذهنه وقلبه.
وعلى المسلم أن يعتدل منذ البداية، ولا يكلف نفسه ما لا يطيق في بعض ليالي رمضان حتى لا تفتر عزيمته، وليتذكر كل منا أن هذا العام يمكن أن يكون آخر رمضان في حياته، فكم من أحبابنا الذين شهدوا رمضان معنا في العام الماضي افتقدناهم في هذا العام.
فهل من مدكر؟!
* الكثير منا لا يصل القرآن إلى قلبه، فكيف نقرأ القرآن بقلوبنا؟
** للسان وظيفة، وهى المحافظة على مخارج الحروف، والنطق الصحيح للقرآن بالتلقي على شيخ "ثبت" في علم القراءات، أما العقل فوظيفته أن يتدبر فيما يقرأ صاحبه، ولا يردد من دون فهم، وعلى المسلم أن يقرأ القرآن متدبرًا، فليس مجرد القراءة أو الحفظ هما الهدف من قراءة القرآن، وإنما المقصود أن يعمل الإنسان بما علمه من القرآن، ويتخلق بأخلاقه، وأن يستوعب معانيه ويطبقها، وهو ما كان صحابة النبي يدركونه، حيث كانوا لا ينتقلون إلى آية إلا بعد أن يطبقوا أختها، فالقراءة ثم الفهم فالعمل بما استوعبه المسلم من القرآن هي السبيل لازدياد الإيمان في قلب المسلم. "إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم، وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون".
فزيادة الإيمان وصفاء القلب نتيجة طبيعية للتحلي والتخلق بأحكام وآداب القرآن الكريم، وهو الأمر الذي إذا حدث فسيكون الإنسان قريبًا من الله بعيدًا عن شهواته وأهوائه.. الطرق شتى وطريق الحق مفردة والسائرون في طريق الله أفراد وطريق القرآن واضح، ويوصل إلى سعادة الدنيا والآخرة.
والقرآن هو الهداية الربانية التي تأخذ بأيدي الناس وتوصلهم إلى طريق الله تعالى، ويعينهم على استيعاب علوم الدنيا، فالقرآن والإسلام يدعون إلى أن نتفوق في كل المجالات، وأن نساهم فيما يبني الحياة ويسعد الناس.
فبالقرآن نحافظ على منهج الله واستيعابه ثم استيعاب العلوم التي تساعد في نهضة الأمة وتعيدها إلى نهضتها الأولى.
* في رأيك.. ما الذي يحول بيننا وبين فهم القرآن واستيعاب أوامره ونواهيه، والتفكير في مقاصده ومعانيه؟
** ليس هناك ما يحول بيننا وبين ذلك، وإنما قد يعود السبب لعدم وجود خطة قومية من جانب الدول العربية والإسلامية للحفاظ على القرآن.
فكما أنه إذا أرادت أي دولة أن تنهض بجانب معين فهي تضع خطة لذلك النهوض في مجال الطب أو الزراعة أو الهندسة أو غيرها، فلا بد أن تكون هناك خطة للعودة إلى كتاب الله ليكون الناس مرتبطين بالوحي الإلهي، عن طريق تشجيع حفظ كتاب الله من جانب الحكومات والأنظمة العربية والإسلامية.
وكما تهتم الحكومات بغذاء الأبدان لابد أن تهتم بغذاء العقول والأرواح، فنحن لا نعبد التراب، وليس الهدف من حياة الناس الحصول على الطعام والشراب والرداء، ولكن الأهم هو تربية النفس البشرية وتحصينها ضد الإغواء والاستدراج إلى مفاهيم خاطئة.
فشعوبنا مرتبطة بدينها بشكل كبير والدين لديها من ضرورات الحياة كالماء والهواء، فإن انفصل الإنسان عن دينه يموت.
وبالرغم من ذلك فإنني ألمس اتجاهًا طيبًا من جانب الشباب لحفظ كتاب الله، كما ألاحظ نشاطًا واسعًا من جانب الجمعيات الخيرية لتحفيظ أبنائنا القرآن، وهناك حلقات كثيرة تعقد الآن في المساجد، إلا إنني أؤكد أن ذلك غير كاف، فلا بد أن يجد هؤلاء الشباب من يدفعهم ويشجعهم.
* وبماذا تنصح المبتدئ في حفظ القرآن؟
** على المبتدئ في الحفظ أن يواظب عليه بأن يحفظ قدرًا -ولو يسيرا- كل يوم، وأن يرتبط بحلقة تعليمية ليصوب ما يقرأه أمام أحد الحافظين، ثم يجعل لنفسه خطة لحفظ القرآن ومراجعته.
رحلتي مع القرآن
* كيف بدأت رحلتك مع القرآن؟
** نشأت في إحدى قرى مركز الصف بمحافظة الجيزة، بين عائلة متوسطة الحال، حفظت القرآن على جدي "الشيخ بدوى خاطر" وأتممته حين كان عمري 12 عامًا وكنت أراجعه كاملا كل أسبوع، وحين أردت استكمال دراستي في الأزهر واجهت صعوبة شديدة، حيث يقع أقرب معهد ديني إلى بلدنا في محافظة بني سويف، وبالطبع لم أتمكن من ذلك لصغر سني وبعد المسافة، فلحقت بمعهد القراءات بالقاهرة وأكملت دراستي فيه.
وكان من عادة أهل الريف أن يحيوا احتفالاتهم بقراءة القرآن، وخلال أحد هذه الاحتفالات كان القارئ هو الشيخ محمد معبد الذي سمعت منه القرآن بقراءة "بن كثير المكي" فانجذبت إليه وإلى قراءته، وعلمت أنه طالب بمعهد القراءات بالقاهرة فأخبرني أن المعهد لا يشترط سنًا ولا مؤهلا غير حفظ القرآن كاملا، وهو الشرط الذي كان يتوفر لي، وكان التحاقي بالمعهد عام 1964م، حيث كان العام الأول الذي يكون له مبنى مستقل في كلية أصول الدين في شبرا بعد أن كان قسما في كلية اللغة العربية بالأزهر الشريف.
وتلقيت في المعهد القرآن الكريم ثم "الشاطبية" و"الدرة"، وكانت إجازة التجويد مدتها سنة واحدة يتعلم فيها الطالب بعض العلوم العربية والشرعية، ثم أحكام التلاوة، ثم يقرأ المصحف كله على أحد المشايخ، ثم يختبر شفويا وتحريريا، ويعطى إجازة "حفص عن عاصم" في التجويد.
* هل كان هناك توجيه من الأهل لحفظ القرآن أم أنه كان قرار شخصي؟
** كان توجيه الأهل في البداية بالطبع؛ فأخي الكبير يصطحبني معه إلى الكتاب، فتعلمت الهجاء وقراءة السور القصيرة، وكان ذلك دافعًا للأسرة لتشجيعي على الانتظام في الكتاب وحفظ القرآن.
والطريف أن الناس في قريتي كانوا يطلقون عليّ لقب "شيخ" منذ وقت مبكر، على الرغم من أنني لم أكن متمكنًا من حفظي بعد، فقررت أن أكون شيخًا أستحق اللقب.. ولأني كنت أحفظ القرآن فقد تمكنت من السيطرة على حفظي كله خلال 6 أشهر، ثم واظبت في القراءة على شيخي إلى أن ألممت بالأحكام ومخارج الحروف بشكل جيد، كما استوعبت علم القراءات، وهى العلوم التي درستها بالتفصيل بعد ذلك في معهد القراءات.
* وما أهمية أن يبدأ الإنسان في حفظ القرآن وتعلم أحكامه منذ الصغر؟
** ما أجمل أن تتولد عند الناس ملكة الاستيعاب في سن مبكرة، وحتى لو حفظ الناشئ القرآن من دون فهم فإن الفهم يأتي في مرحلة لاحقة، والحفظ في السن المبكر أثبتت التجارب أهميته، ولكن هذا لا يمنع أن يحفظ الإنسان القرآن حتى بعد أن يكبر، ويتوقف ذلك على عزيمة الإنسان وهمته ومدى حبه للقرآن وتفرغه واستعداده للحفظ، وهناك بالفعل عدد كبير من المسلمين يحفظون القرآن في سن متقدمة.
* أعتقد أن تحفيظ القرآن للأبناء في الصغر من أهم واجبات الوالدين.. أليس كذلك؟
** بالطبع؛ ولكن ذلك يسانده أيضا مدى استعداد الأبناء ورغبتهم، فمهمة الأب والأم تتوقف عند التوجيه والنصح والتحفيز على حفظ القرآن الكريم، وأرى أن ذلك كان يتحقق في الماضي إلى حد كبير حيث كان الأهل حريصين على أن يحفظ أبناؤهم القرآن. وكانت القرى الرافد الرئيسي لحفاظ كتاب الله حيث يمثل ذلك فخرًا للعائلة.
هذا بالإضافة إلى أن الأزهر الشريف في مصر كان يعتمد على أبناء الريف بشكل كبير، ولك أن تتخيل أن الكتاب الذي حفظت القرآن فيه كان يخرج سنويًا 20 من الحفاظ، وكانت الدولة ترصد لهؤلاء الحافظين جوائز قيمة، حيث تحدد لكل من يختم القرآن لجنة تختبره على مستوى المركز، وتخصص له جائزة قدرها 5 جنيهات، وكانت تلك الجنيهات في فترة الخمسينيات تعادل اليوم ما قيمته 5 آلاف جنيه، فضلا عن أن وزارة المعارف كانت تشرف على هذه الكتاتيب المنتشرة -حينئذ- في كل قرية مصرية.
* وفي رأيك ماذا خسرنا باندثار الكتاتيب؟
** خسرت الأمة واحدا من مقومات حفاظها على مصدر شرفها وحضارتها وتقدمها وهو القرآن الكريم، كما أدى غياب الكتاتيب إلى الضعف الواضح في مستوى قراءة الخريجين للقرآن، وما أقسى ألا يتمكن حاصل على الدكتوراه من قراءة سطر واحد من القرآن من دون أن يخطئ، وينطبق ذلك -للأسف-على عدد من خريجي الأزهر حيث بضاعتهم من القرآن قليلة.
* وهل هناك أجيال جديدة تقبل على تعلم القراءات وعلوم القرآن؟
** كان هناك أيام دراستنا معهد واحد في مصر لتعليم القراءات، أما الآن فقد انتشرت تلك المعاهد ووصلت إلى المئات، على الرغم من أنها تفتقد إلى المشايخ الكبار الذين يمثلون الخبرة والقدوة.
وفي المدينة المنورة كذلك هناك إقبال شديد على دراسة القرآن وعلومه من العرب، فضلا عن غير العرب الذين تخرج عدد كبير منهم، ونفع الله بهم المسلمين في بلادهم.
أزمة الأمة
* أشرتم في بداية الحوار أن القرآن هو سياج الحماية للإنسان والأمة فكيف ذلك؟.
** القرآن -يا ولدي- مصدر عز الأمة وفخرها.. وهل هناك أجمل من أن ترتبط الأمة بالوحي الإلهي الذي ينقلها من الذلة إلى العزة، ومن الضياع إلى الأصالة التي تربط الأرض بالسماء.
ويربط القرآن -أيضا- الأمة بالوحي الإلهي الذي يحول دون أن تتخطفها الأمم، أو تبعد عن حضارتها... وهو أساس الخير كله، ولا شك أنه كلما كان الإنسان قريبًا من القرآن كلما كان ملتزمًا طائعًا لله، فلابد للأمة أن تعيش مع القرآن حتى تنجو من الضياع.

٧‏/٨‏/٢٠٠٧

سراب الحاج متولى



هذا الموضوع تم نشره اليوم على موقع عشرينات ، وأتوقع أن يثير جدلا واسعا ، وهذا بلا شك أمر صحى ، فالاختلاف فى الآراء سنة كونية ......


سراب الحاج متولي !
ياسر أبو العلا – ولاد البلد – 6/8/2007

دائما ما تثور مناقشات بلا نهاية بيني وبين أصدقائي حول تعدد الزوجات.. كثير منها يثور في الأفراح حين أتجرأ وأقول لأحدهم ( عقبى لأولادك ) فيرد في استهجان بسرعة .. بل قل ( عقبى لك ) رغم أنه متزوج بالفعل ، ويمكن أن يكون لديه من الأبناء عدد لا بأس به. وهنا تنشب الخلافات المزمنة وتنتهي إلى ما لا نهاية .. فلا هم يقتنعون بوجهة نظري ، ولا أنا أميل إلى رأيهم . المثير أن كل الذين يؤكدون رغبتهم العارمة في الارتباط بزوجة أخرى أحسب أنهم من السعداء في حياتهم الزوجية .. لا ينقصهم شيء .. زوجة جميلة .. أبناء يسرون الفؤاد .. ويتمناهم أي شخص .. منزل هادئ لا تفوح منه روائح المشاكل . لذلك أتعجب من إصرار بعض أصدقائي على الاقتران بثانية ..
حجج واهيةوالحق أنهم لا يعدمون الحجج .. أو هكذا تبدو لهم أنها حجج .. فهذا ( ح ) الذي يبرر لنفسه دائما أنه يرغب في الزواج من ثانية حتى يتمكن من الإسهام في حل مشكلة العنوسة المزمنة !! وبالفعل .. تقدم لعدد من الفتيات - اللائي لم يسبق لهن الزواج – للارتباط بهن ، وذلك بعلم زوجته ، إلا أن كرامة هؤلاء الفتيات و أهلهن وقفت حائلا دون ذلك حيث أبوا على بناتهن أن يوضعن في هذا الموقف المحرج . أما صديقي الآخر ( ر ) فلا يكف عن إظهار رغبته في الزواج ثانية .. وهو يبدو مقتنعا بذلك إلى أشد درجات الاقتناع ، فلا تجده يفتر عن ذكر تلك الرغبة في كل مجلس ، ويذكرني في ذلك بالمريض الذي أوصاه عبد المنعم مدبولي في أحد أفلامه أن يردد ( أنا طويل وأهبل أنا مش قصير قزعة ) .ولكنه حتى اليوم لم يتمكن أن يزيد من طوله سنتيمترات ، كما لم يتمكن صديقي من الزواج بالأخرى التي يتمناها . أما مثالي الثالث فهو أحد أصدقائي الريفيين الذي يعتقد من يعرفه أنه متزوج من ثانية بالفعل من كثرة حديثه عن الزواج الثاني و إيجابياته وضرورته في مثل حالته ، وبالفعل خاض صديقي إحدى التجارب ، وكانت فاشلة بدرجة الامتياز إلى أن ذلك لم يغير من قناعته شيئا . وبالتأكيد فإن ذكري لهذه الأمثلة ليس حصريا . فهناك العشرات غيرهم ممن أعرف يتوقون إلى الزواج الثاني ، ومنهم من تعدى تلك المرحلة إلى التنفيذ بالفعل ، إلا أن التجارب الناجحة في هذا الإطار لا تتعدى أصابع اليد الواحدة في حين تتعدد التجارب الفاشلة التي تسرع فيها الأزواج إلى الارتباط بأخريات إلا أنهم يتراجعون بعد أن تتكشف عواقب تلك الخطوة ، والتي لا تكون محمودة في معظمها .
انهيار أسرة سعيدةوليس أدل على ذلك بصديقي المحاسب النابه الذي كان وزوجه نموذجا في السعادة الزوجية ، بل إنهما كانا يدرسان قواعد تلك السعادة لأصدقائهما المتزوجين حديثا ، إلى أن تغير كل شيء .. ففي أحد الأيام فاجأ الزوج الحبيب الجميع بأنه تزوج من أخرى ، وفي الحقيقة هو لم يتعمد أن يفاجئهم لأنه فوجئ مثلهم أن الجميع علم بذلك الخبر رغم حرصه الشديد على كتمانه . وحينئذ ( عينك ما تشوف إلا النور ) فقد انقلب البيت الهادئ إلى ثورة عارمة ، وتحول العش الجميل إلى وكر للخلافات والعراك الذي لا ينتهي . كان الزوج بين خيارين إما زوجته التي كافحت إلى جواره منذ تخرجهما معا في الجامعة إلى أن أصبح ذا شأن ، وأولاده المتميزون على مستوى المدينة التي يسكنون فيها ، وبين زوجته الجديدة التي كانت تحمل في يديها طفلين يحتاجان إلى الرعاية والاهتمام . وبالطبع اختار الخيار الأول – مرغما ـ وحتى الآن لم ترمم حياته أو تعود لسابق عهدها . وكيف تعود بعد أن فض غلاف الهدوء والسكينة عن هذا العش الذي كان سعيدا ؟وأتعجب – في الحقيقة- من هذه النماذج التي لا يترك فيها الزوج التفكير في شريكة أخرى لحياته رغم عدم أهمية ذلك بالنسبة له ، وأرى أنه طالما كان الإنسان سعيدا في حياته هانئا بأبنائه ، مستقرا في زواجه ، فلا داعي لأن يهدم المعبد فوق رأسه .
الحاج متولي وأعتقد أن نموذج الحاج متولي الذي سوق له التلفزيون لا يصلح للتعميم . لأنه نموذج مكتوب على الورق ، وما أسهل أن تكتب على الورق أسعد قصص الحب والنجاح ، ولكن ذلك في الواقع غير حقيقي إلى أبعد الحدود .. فهذا النموذج ( الحاج متولي) غير قابل للتطبيق .. رغم أنه أغرى كثيرًا من الأزواج على المغامرة بخوض نفس التجربة ، وإن لم تكن بنفس العدد بالطبع . ما الداعي لأن يهدم الإنسان مسيرة زواجه التي بدأت حين كان معدما طمعا في الحصول على متع محدودة -وهي بالطبع ليست حراما – وإنما أتحدث عن الواقع والعرف الذي يجب ألا ننكرهما أو نتنصل منهما . نكران الجميل واضح في قضية الزواج الثاني ، وأربأ بالرجال أن يقعوا في هذا الشرك الذي يرسم لهم خيوط السعادة الزوجية والعيش على طريقة ( سي السيد ) الذي يتنقل من مكان إلى مكان بين زوجاته المتعددات .. إلا أنه ما يلبث أن يجد ذلك سرابًا عند أول مكالمة تلفونية تصل إلى زوجته الأولى يخبرها فيها أحدهم بأن ( البيه متجوز عليكي ) .

٢‏/٨‏/٢٠٠٧

محمد الديب .. طموح له نهاية


لم يدر في خلدي أبدًا أن أكتب عنه أو أرثيه بعد رحيله عن دنيانا ، حيث كانت حيويته ونشاطه لا تخطئها عين ، ولا يتطرق إلى احد من معارفه خاطر أنه قد يسقط فجأة ويتركنا إلى أن نجتمع مرة أخرى في دار الخلود .
كان محمد عبد الحليم الديب " ابن مدينة البدرشين " شابًا نابهًا يحب الحياة ويضع خططًا لا حدود لها لمستقبله ؛ إلا أن يد القدر كانت أسرع منه فلم يتمكن من أن يحقق من تلك الطموحات إلا القليل .

حين بدأ العمل معي في مجال الصحافة لحظته وثابًا نبيهًا ، يجيد التعامل مع الجميع يستفيد منهم ويفيدهم .
كان لماحًا ذكيًا يقدر لرجله قبل الخطو موضعها .. يتطلع دومًا إلى الأفضل ،حتى يصل إليه ؟
كان حلم حياته أن يعمل في مجال الإعلام ، فأفكاره في هذا المجال كانت رائعة ، وطموحاته لم يكن يحدها مؤهل أو خبرة ، فبالإصرار يهون كل شئ .
حين اتجه إلى مبنى التليفزيون كانت تداعب خياله أحلام الشهرة والنجاح.
حارب كثيرا حتى ثبت أقدامه في هذا المبنى العتيد الذي لم يكن يغادره إلا إلى النوم تقريبا ، إلى أن تم تعيينه في إحدى القنوات المتخصصة التي عمل بها منذ بداياتها الأولى .. ولكنه لم يكد يفرح بهذا التعيين طويلا .. فقد التقطه الموت ليضع اللمسات الأخيرة لتلك الحياة التي لم تطل . حيث غيب الموت " محمدًا " وسنه لم يتجاوز الثلاثين .
إنها إرادة الله التي لا يجوز معها المجادلة أو المراجعة ، وكم كانت لوعة الفراق قاسية على أمه وأبيه الذين كان فلذة كبدهما الوحيد ، وكان فرحتهما اليتيمة في هذه الدنيا التي اعتدنا منها أن تفقدنا كل يوم عزيزًا أو غاليًا دون سابق إنذار .
حين سمعت خبر وفاته كانت الدهشة هي المسيطرة إلى أن ذهبت إلى بيته ، واستوعبت غيابه الحقيقي ، وحينها لم أتمالك نفسي من النحيب عليه . وانفجرت الدموع في عيني دون أن اعرف سبيلا لوقف هذا الشلال المتدفق من العبرات .
سلام عليك يا " محمد " في دار الخلود ، فقد عاينت الحقيقة الوحيدة التي نتغافل عنها وهى أننا سنفارق أحبابنا بإرادتنا أو رغمًا عّنا .

٢٤‏/٧‏/٢٠٠٧

رأيك يهمنا



السلام عليكم

يا جماعة أنا منتظر رأيكم في المدونة اللي هاحاول أقول فيها حاجة كويسة ومختلفة ، طالب من الله ولا يكتر على الله إنكم تشرفوني وتزوروا المدونة بتاعتى وتكتبوا تعليقاتكم كمان عليها ، وبمنتهى الصراحة والديمقراطية ، انتم عارفين لا نحجر على رأى أي حد ، إنما لو نفسك راحت على إنك تشتمني مثلا أو تقول إن المدونة وحشة ولا مش عجباك ولا حاجة متزعلش منى بقى - تفعيلا للديمقراطية - هاروح شايل التعليق واحتمال اشيل المدونة كلها وامنع أي حد يدخل عيها ، إنما لو ربنا هداك وقلت إنها حلوة أو مش بطالة أو كويسة أو بارك الله فيك ونفع بك وبمدونتك فهذا أمر جيد ، ولاحظتم طبعا إني سايب لكم الحرية في اختيار التعبير اللي تعبروا فيه عن رأيكم في المدونة ، وهذه قمة الديمقراطية .

بالظبط زى اللي بيعمله الحزب الوطني في الانتخابات .. هو عارف إن الناس ملهاش
نفس تروح الانتخابات وتعطل روحها فهو بيروح موصى ناس تانية إنهم يصوتوا بالنيابة عنهم ويقولوا إن الانتخابات آخر تمام .

عموما ... أنا في انتظاركم على مدونتي " ورقة وقلم " بس ما تعملوش زى حالاتي وتتأخروا !!!!!!!!!!!

١٤‏/٧‏/٢٠٠٧

"المتناوى " اختار الحور العين

لم يتخيل الشاب محمد عبد الكريم المتناوى حين سعى إلى الالتحاق بكلية الشرطة وبذل في سبيل ذلك جهدا كبيرا أن نهايته ستكون بسبب يرتبط بعمله بعد التخرج من تلك الكلية ،ولم يكن يتوقع حين ودع أمه يوم 7 مارس الماضي أنها ستكون نظرات الوداع ،ولم يدر بخلده إطلاقا حين تناول الغذاء مع خطيبته سمر أنها ستكون الوجبة الأخيرة التي يتناولها معها ،بل وفى الدنيا كلها ،لا شك أن نظراته إليها وهو يودعها في ذلك اليوم كانت تحمل معان مختلفة ،رائحة الموت كانت تفوح منه منذ الصباح ،ولكنها الرائحة التي لا يشمها أحد.

ولا شك – أيضًا - أن إحساسه بالواجب هو الذي دفعه إلى الانطلاق وراء الشقيين اللذين كانا يختطفان الطبيبة الشابة ، لم يتوان أو يفكر لحظة واحدة في خطورة ما يفعل ، لم تتراقص الدنيا أمام عينيه لتدعوه إلى التشبث بها ،فما قيمة الحياة في ظل التخاذل والهوان .

أعتقد أن حلقات مسلسل حياته القصير دارت أمام عيني الشاب محمد عبد الكريم حين سقط منه سلاحه والتقطه المجرم ليطلق منه رصاصة غادرة استقرت في القلب الطيب الذي لم يعرف الحقد إليه طريقا ، كما لم يتسرب إليه الخوف إطلاقا منذ بدأ حياته التي لم يكتب لها أن تكون طويلة .

لاشك أن شريط حياته القصير الذي دار في لمح البصر أمام عينيه كان النهاية الرائعة لحياة لم تشهد إيذاء أو تعد أو ظلم لأحد ،فمنذ كان في مراحل دراسته عرف بين أقرانه بالاتزان والنبل والشهامة .

وهذا ليس غريبا عليه ؛إذ أنه من المستحيل أن يصبح الشخص شجاعا و نبيلا بين عشية وضحاها .

اسمعوا معي إلى ما رواه لي أحد زملاء دراسته في مدرسة البدرشين الثانوية ،محمود لطفي ، وهو شاب جميل في نفس عمر شهيدنا الغالي ،رافقه في رحلته الدراسية في تلك المدرسة العتيقة التي تقع في تلك المدينة التجارية النشيطة .

ويؤكد "محمود "أن زميله الراحل كان يتميز بالنبل بشكل واضح ،ودلل على ذلك بتلك المشاجرات التي كانت تنشب بينه وبين بعض المدرسين الذين كانوا يتعمدون إهانة هؤلاء الطلاب الذين جاءوا من القرى المجاورة لتلقى الدراسة في مدينة البدرشين .

ويشير إلى أن "المتناوى "لم يعرف عنه الانحراف الذي يمكن أن يخالط بعض الشباب في سني حياتهم الأولى ،ورغم حالته المادية المرتفعة و عائلته الكبيرة إلا أن ذلك لم يكن يؤثر إطلاقا على علاقاته بزملائه ،وهى العلاقة التي لم يؤثر فيها أيضا التحاقه بكلية الشرطة وما يستتبع ذلك من تغير معروف في الشخصية ،ويضرب "محمود" مثالا على ذلك بالمرة الأخيرة التي قابل فيها زميله الشهيد ،الذي كان يسير بسيارته فتوقف حين شاهد"محمود" واحتضنه داعيًا إياه إلى العودة معه إلى منزله ،ولم يكن كليهما يدرى حينئذ انه اللقاء الأخير .

وهو ما يؤكده زميلهما "محمد لبنة" الذي يشير إلى أخلاقه الراقية والتي ميزته عن أقرانه قبل وبعد التحاقه بكلية الشرطة .لافتًا إلى وفاء الشهيد "محمد "لوالدة "لبنة "التي كانت تدرس له خلال المرحلة الابتدائية ،وهو الوفاء الذي لن يضيع بالتأكيد .

ويبدو أن شهيد مدينة البدرشين أراد من حيث لا يدرى أن يضرب أمثلة لأقرانه الشباب في ضرورة التضحية من أجل الواجب والمثل العليا ،لقد استطاع الشاب الذي لم يتجاوز الرابعة والعشرين من عمره أن يعلم الكبار كيف يكون حب الوطن والتفانى في الدفاع عن الحق .عازفًا عن الزواج بخطيبته التي كانت تتجهز لزفافه إليها بعد أسبوعين إلى الارتباط بالحور العين اللاتي كن ينتظرنه على أبواب الجنة .



٨‏/٧‏/٢٠٠٧

رفيقة الألم


هى صاحبة قلم رشيق يأخذك من دون أن تدرى إلى حيث تريد صاحبته أن تذهب بك ، تقنعك بسهولة بالفكرة التي تريدها ، تأسرك كلماتها الرقيقة حين تتحدث عن أستاذيها الغزالي ثم عمارة
تبعث الحماس في قلبك حين تذكرك بأمجاد أمتنا الضائعة " الأمة والأمجاد أعنى " ، تلحظ علامات الحنين والشوق الذي يقتلها حين تبدأ في الحديث عن الموصل .. بلدتها التي تعشقها والتي حببتني شخصيا فيها من روعة ما كتبت عنها
أعتقد أن أحدًا لا يصدق أن تلك التي تكتب بكل هذه الروح الوثابة ينهش المرض جسدها وتعانى بسببه آلاما مبرحة .نعم إنها مريضة .. وهى إن كان جسدها مريضًا إلا أن روحها ومعنوياتها في السماء ، وهكذا المخلصون دائما لقضيتهم وأفكارهم ..
يؤخرون صراخهم من الألم إلى أن يؤدوا رسالتهم على أكمل وجه
يعانون ولكنهم لا يتوقفون عن الإبداع
يواجهون المرض بقلب واثق من قدرة الله على الشفاء وإزالة آثار أي مرض مهما كان عضالا عصيًا على العلاج البشرى
ما أروع هذه السيدة التي لم تفلح أزمة العراق في أن تهدها رغم أن تلك الأزمة حطمت الآلاف ، ورغم أنها تركت جرحا غائرًا في قلبها العليل الذي لم يتحمل ما ألم بأهل بلاد الرافدين
لم يستطع الموت الذي ضم رفيق عمرها في أن يوقف نظرتها المتفائلة إلى الحياة ورغبتها المتواصلة في أن تقول شيئًا مختلفاً. ما أروع أن تؤمن بأن قلمك يستطيع أن يغير الدنيا إلى الأفضل ، وما أحلى أن تعاصر من يوقن أن الكلمة سيف يجب أن يوجه في مكانه الصحيح ما أحلى أن يكون بيننا من هم على شاكلة سهيلة الحسيني

٤‏/٧‏/٢٠٠٧

أول كلامى


أول كلامى سلام اللى بيحبوا الخير لباقى البشر

تانى كلامى تحية للى بيموتوا علشان غيرهم يعيش

تالت كلامى شهادة للتاريخ والناس

إن اللى يعشق بلاده عمره ما أبدًا يموت

بسم الله تعالى أبدأ الدخول إلى هذا العلم الرحب .. عالم التدوين والمدونات
وهو ذلك العالم الذى طالما دخلته ولكن من باب المتابعين فحسب
أما اليوم بالتحديد فألجه مشاركًا بكلمات .. أرجو

أن تكون نبراسًا يضئ لشخص ما طريقًا إلى الخير أو النور

مشعلا يهدى حائرًا يمكن أن يقرأ إحدى كلماتى فتنفعه

تجربة - رغم أنها بسيطة ومحدودة- إلا أنها يمكن أن تكون مفيدة لمن يقرأها

إنها كلمات ستخرج من قلبى أرجو أن تصل إلى قلوب قارئيها

همسات أبثها إلى من استقطع من وقته دقائق ليمر على مدونتى

عمل.. أتمنى أن يكون إضافةً إلى ميزانى يوم أن نقف جميعًا أمام الله تعالى

لا تحرمونى من نصائحكم يا من سبقتمونى فى هذه التجربة التدوينية التى أتحسس خطاى فى دروبها الواسعة التى لا حدود لها