٢٩‏/٢‏/٢٠٠٨

الوداع الأخير

صحوت من النوم فجأة في عيني نور غريب وقوي جدا استعجبت أمر النور من أين أتى
واندهشت عندما وجدت الساعة تشير إلى الساعة 3 صباحا وأن مصباح الغرفة كان
طافياً؟!
حارت تساؤلاتي من أين هذا النور ؟؟؟!!!
وعندما التفت ؟؟؟ فزعت جداً ... وجدت نصف يدي داخل الجدار
أخرجتها بسرعة
خرجت يدي
فنظرت إليها بعجب ؟؟!!
أرجعتها إلى الجدار مرة أخرى فوجدتها دخلت
اندهشت ؟؟!!
ما الذي يحصل؟؟
بينما أنا بين تساؤلاتي إذا بي أسمع صوت ضحك
نظرت إلى ناحية الصوت فوجدت أخي نائماً بجانبي
ورأيته يحلم
يحلم بأنه يركب سيارة حديثة
وانه ذاهب إلى حفلة كبيره جداً
لناس أغنياء جداً
وانه في أبهى حله وليكون أجمل من في الحفلة
وكان سعيد جداً وكان يضحك
ابتسمت من روعة المنظر ... ولكن!!
شدني انتباهي إلى واقعي ... ما الذي يحصل؟؟؟
فقمت من سريري
ركضت إلى حجرة أمي ... لطالما ركضت إليها في مرضي وتعبي
جلست إلى جوار رأسها وقمت أناديها بصوت خافت ... أمي ... أمي!
ولكن أمي لا تستجب لي .. فقمت أوكزها برقة ... ولكنها لا ترد ..... وكأني لا
ألمسها ..!!
بدأ الخوف يتملكني ... وأخذت أرفع صوتي قليلاً .. أمي ... أمي ..!!
صرخت ..... ولكن لم لا تستجيب لي .... هل ماتت ؟؟؟
وأنا في ذهولي وصعقتي بتخيل موت أمي ... إذا بها تفوق من نومها كمن كانت بكابوس
كانت فزعة جداً وتلهث ... وتنظر يمنة ويسرة ... فبرق دمعي على عيني وقلت بصوت
خافت: أمي أنا هنا.
فلم ترد علي .....
أمي ألا تريني ؟؟؟!!
أمي ؟؟؟؟
ورحت أقول أمي بكل عجب أمي ... أمي
أمي ..
أمي ..
وكانت تضع كفها على صدرها لتهدئ روعة قلبها
وتقول بسم الله الرحمن الرحيم
ثم التفتت إلى أبي ... وبدأت توضقه من نومه ..
فأجابها ببرود.. نعم؟
فقالت له قم لأطمئن على ولديّ
فرد أبي: تعوذي من الشيطان ونامي
فقالت أمي:أنا قلقة جداً ... أشعر بضيق ... وضنك يملأ صدري .. وأشعر أن هناك
مصيبة
وأنا أنظر إليها بذهول ... وكنت أعلم جيداً إحساس الأم لا يخيب
فقلت : يا أمي أنا هنا ... ألا تريني يا أماه ... أمي
فقامت أمي ومشت إلى حجرتي حاولت أن أمسك ملابسها ... لكن لم أستطع الإمساك به ..
وكأن يدي تخترقه
ركضت إلى أمامها ووقفت ... ماداً ذراعي لها ..
فإذا بها تمر مني ؟؟!!
فأخذت ألحقها وأصيح أماه ... أمااااااه ؟؟!
ووالدي كان خلفي ... فلم ألتفت إليه ... كي لا يتجاهلني ...
دخلت امى إلى حجرتي وأخي وأشعلت المصباح ..
الذي كان مضاءً بنظري
صقعت عندما وجدتني نائماً على سريري
فنظرت إلى يدي باستنكار ... من ذاك ... ومن أنا ...
كيف أصبحت هنا وهناك
وقطع سيل اندهاشي صوت أبي : كلهم بخير .. هيا لننم.
فردت أمي : انتظر أريد أن أطمئن على محمد.
ورأيتها تقترب من سريري.
وتنظر إلي بعين حرص
وتزيد قرباً من النائم على سريري.
وتضع يدها على كتفه... محمد .... محمد
لكنه لم يرد ... فصحت أنا أمي .. أنا هنا أمي
بدأت تضربه على كتفه بقوه ... وتصيح ..... محمد .... محمد
لوت وجهه إليها وتلطمه .... محمد .... محمد .... وبدأت تعوي وهي تقول .....محمد
... محمد
فركضت إليها ... أبكي على بكائها ... أمي ... أمي
أنا هنا يا أمي ... ردي علي أماه ... أنا هنا
وفجأة صرخت ولقيت الصرخة توجع قلبي
بكيت
وقلت لها أمي لا تصرخي ... أنا هنا
وهى تقول: محمد
فركض أبي إلى سرير
ووضع يده على صدري ... ليسمع نبضي .....
وآلمني بكاء أبي بهدوء ... وبهدوء يضع يده على وجهي ويمسح بوجهه على حبيني
فتقول أمي : لم لا يرد محمد
والبكاء يزيد وأنا لا أعرف ما العمل
استيقظ أخي الصغير على الصوت أمي وهو يسال ما الذي يحصل؟؟
فردت أمي صارخة: أخاك مات يا احمد.
مات
فبكيت أقول: أمي أنا لم أمت .. أمي أنا هنا ... والله لم أمت ... ألا تريني
أمي ...... أمي
أنا هنا انظري إلي
ألا تسمعيني
لكن بدون أمل
رفعت يدي ...لأدعو ربي
ولكن لا يوجد سقف لمنزلنا
ورأيت خلق غير البشر وأحسست بألم رهيب
ألم جحظت له عيناي وسكتت عنه آلامي
نظرت لأخي فوجدته يضرب بيده على رأسه وينظر إلى ذاك السرير قلت له: اسكت أنت
تعذبني
لكنه كان يزيد الصراخ
وأمي تبكي في حضن أبي
وزاد والنحيب
وقفت أمامهم عاجزاً ومذهول
رفعت راسي إلى السماء وقلت: يا رب ما الذي يحصل لي يا رب
وسمعت صوت من حولي ... آتياً .. من بعيد ..... بلا مصدر
تمعنت في القول سمعي
فوجدت الصوت يعلو ... ويزيد ... وكأنه قرآن
نعم إنه قرآن والصوت بدأ يقوى ويقوى ويقوى
هزنى من شدته
كان يقول : ' لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ
فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ'
شعرت به مخاطباً إياي.
وفى هول الصوت
وجدت أيدي تمسك بي
ليسوا مثل البشر
يقولوا: تعال.
قلت لهم ومن انتم؟
وماذا تريدون؟
فشدوني إليهم فصرخت
أتركوني
لا تبعدوني عن أمي وأبي ... وأخي .....
هم يظنوا أني مت...
فردوا : وأنت فعلاً ميت
قلت لهم: كيف وأنا أرى وأسمع وأحس بكي شيء
ابتسموا وقالوا: عجيب أمركم يا معشر بشر أتظنون أن الموت نهاية الحياة؟
ألا تدرون أنكم في البداية؟
وحلم طويل ستصحون منه
إلى عالم البرزخ
سألتهم أين أنا ؟؟ ... وإلى أين ستأخذوني؟؟
قالا لي: نحنا حرسك إلى القبر
ارتعشت خوفا
أي قبر؟
وهل ستدخلونني القبر
فقالا: كل ابن آدم داخله
فقلت: لكن..!
فقالا: هذا شرع الله في ابن آدم
فقلت: لم أسعد بها من كلمة في حياتي .... كنت أخشاها ويرتعد لها جسمي ... وكنت
أستعيذ الله منها وأتناساها.
لم أتخيل أني في يوم من الأيام داخل إلى القبر.
سألتهم وجسمي يرتعش من هول ما أنا به: هل ستتركونني في القبر وحدي؟
فقالا: إنما عملك وحده معك.
فاستبشرت وقلت وكيف هو عملي؟؟ أهو صالح؟
......
وحطم صمتنا صوت صريخ أحدهم فالتفت أليه ... ونظرت إلى آخر .... فوجدته مبتسماً
بكل رضا
وكل واحد منهم لديه نفس الاثنين مثلي.
سألتهم: لم يبكي؟!
فقالا: يعرف مصيره. كان من أهل الضلال
قلت: أيدخل النار؟ واسترأفت بحاله
وهذا؟؟ وكان متبسماً سعيداً رضياً .. أيدخل الجنة؟؟
ماذا عني؟
أين سأكون ؟
هل إلى نعيم مثل هذا أم إلى جحيم مثل ذاك؟
أجيبوني ..
فردا: هما كانا يعلمان أين هما في الدنيا. والآن يعلمون أين هم في الآخرة.
وأنت؟! كيف عشت دنياك؟؟
فرددت : تائه؟ .. متردد؟
قليلٌ من العمل الصالح وقليل من الطالح؟
أتوب تارة وأعود بالمعاصي كما كنت؟
لم أكن أعلم غير أن الدنيا تسوقني كالأنعام.
فقالا: وكيف أنت اليوم هل ستضل متردداً تائهاً؟
فصرخت:ماذا تقصد .. أواقع في النار أنا؟
فقالا: النار .. رحمة الله واسعة
ولا زالت رحلتك طويلة.
نظرت خلفي ... فوجدت عمي وأبي وأخي يبكون خلفي
يحملون صندوق على أكتافهم
ركضت مسرعاً إليهم
صرخت .... وصرخت .. ولم يرد علي أحد
أمي كانت بين الناس تبكي ... تقطع قلبي وذهبت إليها ... فقلت أماه ... لا تبكِ
.. أنا هنا أسمعيني ... أمي ... أمي ... أدعي لي يا أمي وقفت بجانب أبي : وقت
في أذنه: أبي ... استودعتك الله وأمي يا أبي ... فلترعاها ... وتحبها كما
أحببتنا .... وأحببناك .....
صرخت إلى أخي ... أحب إلى من نفسي ... وقلت له ... محمد فلتترك الدنيا خلفك ...
إياك ورفقة السوء وعليك بالعمل الصالح ... الخالص لوجه ربك ... ولا تنسى أن
تدعوا لي وتتصدق لي .. وتعتمر لي ... فقد انقطع عملي .. فلا تقطع عملك .. حتى
بعد موتك ... فقد فاتني .. ولم يفتك أنت ... وتذكرني ما دامت بك الروح وإياك
والدنيا فإنها رخيصة ولا تنفع من زارها ... وقفت على رأسهم كلهم ... وصرخت
بكل صوتي:وداعاً أحبتي .. لكم يحزنني فرقكم ... ولكن إلى دار المعاد معادنا .. نلتقي على
سرر متقابلين .. أن كنا من أصحاب اليمين ..
لم يجبني أحد ... كلهم يبكون ... ولم يسمعني أحد ... تقطع قلبي من وداعهم بلا وداع
لم أتمنى قبل ذهابي إلا أن يسمعوني
وشدني صحبي .. وأنزلوني قبري
ووضعوا روحي على جسدي في قبري
ورأيت أبي يرش على جسدي التراب
حتى ودعني .. وأغلق قبري
لا يشعرون بما أشعر
وأحسدهم على الدنيا ... لطالما كانت مرتع الحسنات ولم آخذ منها شيء
لكن لا ينفعني ندم
كنت أبكى وكانوا يبكون
كنت أخاف عليهم من الدنيا
وأتمنى إذا صرخت أن يسمعوني
وخرجوا كلهم وسمعت قرع نعالهم
وبدأت حياتي ... في البرزخ ....

لا إله إلا الله ... لا إله إلا الله .... لا إله إلا الله
منقول....................................

١٦‏/٢‏/٢٠٠٨

لهؤلاء.. أحنى هامتى


يعايش كل منا ملايين البشر خلال سنين حياته سواء طالت أم قصرت .. يثبت بعضهم في ذاكرته ، ولا يستطيع أن ينساهم ، في حين يتلاشى الكثير من هؤلاء من تلك الذاكرة ، ولا يبقى لهم أثر .
يستفيد الإنسان من هؤلاء الذين يقابلهم ويفيدهم . وتتنوع تلك الاستفادة .. ولكن بلا شك يتميز بعض هؤلاء الذين يعاصرهم كل منا ، فيحتلون مكانة هائلة في حياتهم ، ولا ينكر فضلهم مهما مر به وبهم العمر .
وبالنسبة لى أستطيع القول أن أشخاصا كثيرين لهم الفضل في حياتى .. سواء بالتوجيه والنصح ، أو بالدعم والمساندة ، أو بالتشجيع والتأييد .
ولن أتمكن بالطبع أن أوفى كل ذى فضل فضله .. ولكنى أختار اثنين من هؤلاء لوضوح دورهم في حياتى .
معلمة من طراز خاص
هى أول من تلقفتنى بالنصح والاهتمام ... واحدة من معلمى الزمن الجميل الذى يندر – بل يستحيل- أن يتكرر نموذجهم مرة اخرى
معلّمة .. نعم معلّمة بمعنى الكلمة .. تعطيك عصارة جهدها وخبرتها في أسلوب سهل مبسط ..تشعر جميع تلاميذها بأنهم أبناؤها وليسوا مجرد أطفال يجلسون في مقاعد الدارسة .
تعدت علاقتى بالأستاذة كوثر النشوى علاقة التلميذ بمدرّسة في المرحلة الابتدائية .. فأصبحت أكثر تعلقا بها بعد انتهائى من تلك المرحلة ... حببتنى فى اللغة العربية من خلال شخصيتها الراقية.. شجعتنى على الإلقاء والخطابة من خلال الإذاعة المدرسية ، حين وجدت لدىّ اقبالا على الشعر كانت تعطينى قصائد من كتب أبنائها الأكبر منى سنًا لكى ألقيها في الإذاعة المدرسية .
ليس ذلك فحسب بل تعودت أن أذهب الى منزلها صباح كل يوم قبل بداية اليوم الدراسي لكى أقرأ عليها مقدمة الإذاعة والشعر الذى كتب القيه على زملائي في طابور الصباح .. أستطيع القول إنها لعبت دورًا كبيرًا في حياتى لا أزال أذكره رغم مرور نحو 23 عامًا على تخرجى في مدرسة عمر بن الخطاب الابتدائية بالبدرشين .
ومن يستطيع أن ينسى مثل هذه المعلمة الحنون؟ خاصة إذا قارنتها بمدرسي هذه الأيام الذين فقد عدد كبيرُ منهم احترامه لذاته وأصبح يهرول خلف الدروس الخصوصية دون عقل .
هل تتصورون أن معلمتى العزيزة لم تكن تعرف الدروس الخصوصية أو تفضلها؟ وأنها كانت تعطى فقط درساً لأضعف مجموعة في فصلنا الذى كان يتميز بكثرة المتفوقين نتيجة جهدها الوافر ، وحين كان يطلب أحد هؤلاء- الشطار- أن ينضم الى درس الأستاذة كانت تنهره مؤكدة أنها لا تعطى درساً إلا للضعاف من زملائه ، وأنه لا يحتاج درساً .
هل تتصور أيضا أن المرة الوحيدة التى ضبطتها تضرب تلميذًا منا كانت حين صفعت أحدنا على وجهه لأنه أخطأ فى شئ ما . هل تعرف من هو التلميذ ؟ إنه ابنها الذى كان زميلا لى في المقعد وصفعته لأنه "ابنها" وتصور أنه متميز عن زملائه لأنه "ابن الأبلة"!!
ما زالت أحفظ لها الجميل حتى اليوم .. أنظر إلى نافذة شقتها المتواضعة كلما مررت من أمامها ، وأحاول أن أزورها كلما تمكنت .
لقنت زوجتى منذ بداية ارتباطنا حب هذه الأستاذة رغم أنها لم ترها ، إنها بالفعل نموذج مشرف للمعلم في وقت أصبح فيه المعلمون جباة للمال قبل أن يكونوا مربين، وأعتقد أن أمير الشعراء لم يكن يقصد سواها حين أنشد يقول
قف للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا
الصحفى الحنون
نموذجى الثانى هو أستاذى ومعلمى وأخى الأكبر ..هو صحفى من طراز متميز .... منظم لدرجة غير ..يأتى الى مكتبه في موعد معين ، ويغادر فى موعد معين ، يعشق عمله والعاملين معه ، يقدس أسرته وحياته الزوجية ... لا يمكنك أن تحصل منه على موعد يوم أجازته لانها مخصصة للجلوس مع تلك الأسرة ..أما غير ذلك فلا يمكن أن يرفض لقاءك لأى سبب.. أنعم الله عليه بعدد من الأبناء يقدر عددهم بالسبعة في حين منحة المئات من التلاميذ والمحبين والمرتبطين به لأقصى حد

لم تكن علاقتنا ـ وما زالت ـ بالأستاذ بدر محمد بدر علاقة مدير تحرير بمحرريين ، أو علاقة صحفى كبير بصحفيين شباب ، وإنما كانت علاقة أب بأبنائه ، يعطف على صغيرهم قبل الكبير ، تتلألأ الفرحة على وجهة اذا وجد من أمامه سعيدًا.. يبادر بالسؤال عن أحوالك وشئون بيتك ، وصحة ابنتك التى كانت تعانى آلاما في أسنانها ، وعن مولودك الذى تنتظر قدومه ، وعن الدين الذى كان يثقل كاهلك ... هل سددته كاملاً أم لا ؟
رجل متصالح مع نفسه ومع الآخرين ... يغضب اذا شعر بأن أحدًا يغمط أخر حقه ، تعرض لمشكلات رهيبة بسبب انتمائه الفكرى لكنه ظل ثابتًا . تشعر أن المحن تزيده ثباتا وقوة ... يخرج من كل محنة أقوى مما دخلها.. له طاقة عجيبة على مواجهة الصعاب وحل المشكلات، وقدرة فائقة على التسلل الى قلب من أمامه يسبر غوره ويعرف كيف يكسبه صديقًا له .
لم أعرفه يائسا رغم أنه تعرض لنكبات كانت كفيلة بالقضاء على صاحبها ، لكنه كان يستقبل تلك الأزمات بنفس مؤمنة واثقة من أن قضاء الله لابد أن ينفذ ، وأن الله لا يكتب لنا دائمًا إلا الخير .. تشرفت أنى عرفت فى خلال سنوات حياتى صحفياً من الطراز الأول وإنسانًا بدرجة امتياز .

١٣‏/٢‏/٢٠٠٨

للرجال فقط

خطب بن القيم المسلمين يوم حرب التتار في الجامع الأموي بدمشق فقال
أيها الناس مالكم نسيتم دينكم وتركتم عزتكم وقعدتم عن نصر الله فلم ينصركم ، حسبتم أن العزة للمشرك وقد جعل الله العزة لله ولرسوله وللمؤمنين .

يا ويحكم .. أما يؤلمكم ويشجي نفوسكم مرأى عدو الله وعدوكم يخطر على أرضكم التي سقاها بالدماء أباؤكم يذلكم ويستعبدكم وأنتم كنتم سادة الدنيا ؟
أما يهز قلوبكم وينمّي حماستكم مرأى إخوان لكم قد أحاط بهم العدو وسامهم ألوان الخسف ؟

أفتأكلون وتشربون وتتنعمون بلذائذ الحياة وإخوانكم هناك يتسربلون اللهب ويخوضون النار وينامون على الجمر ؟

يا أيها الناس
إنها قد دارت رحى الحرب ونادى منادي الجهاد وتفتحت أبواب السماء ، فإن لم تكونوا من فرسان الحرب فافسحوا الطريق للنساء يدرن رحاها ، واذهبوا فخذوا المجامر والمكاحل يا نساء بعمائم ولحى.

فإلى الخيول وهاكم لجمها وقيودها .
يا ناس أتدرون مما صنعت هذه اللجم والقيود ؟
لقد صنعها النساء من شعورهن لأنهن لا يملكن شيئاً غيرها، هذه والله ضفائر المخدرات لم تكن تبصرها عين الشمس صيانة وحفظاً ، قطعنها لأن تاريخ الحب قد انتهى ، وابتدأ تاريخ الحرب المقدسة
الحرب في سبيل الله ثم في سبيل الدفاع عن الأرض والعرض .

فإذا لم تقدروا على الخيل تقيدوها فخذوها فاجعلوها ذوائب لكم وضفائر إنها من شعور النساء ، ألم يبق في نفوسكم شعور ؟

وألقى اللجم من فوق المنبر على رؤوس الناس وصرخ
ميدي يا عمد المسجد وانقضي يا رجوم وتحرقي يا قلوب ألماً وكمداً.

لقد أضاع الرجال رجولتهم

٢‏/٢‏/٢٠٠٨

آفاق .. حلم لن ينتهى



بعد حوالى شهر من الآن تدخل أزمة جريدة "آفاق عربية " عامها الثالث وسط صمت مطبق من جانب المسئولين ، وإصرار من جانب أبناء الجريدة على استمرار المقاومة لمحاولات التغييب التى تتعرض لها قضية واحدة من التجارب المهمة فى مسيرة الصحافة الإسلامية فى مصر


وأنا كواحد من أبناء هذه الجريدة الذين تربوا فى أحضانها وتعلموا الصحافة بين ردهاتها أجدد الدعوة لنقيب الصحفيين الذى وعد خلال حملته الانتخابية بأن حل المشكلة فى رقبته.
وأتعجب من هذه العقول المتحجرة التى ترفض مطارحة الرأى بالرأى وتفضل قصف الأقلام على مناقشتها ، ولاتتورع عن إغلاق بيوت بجرة قلم ، لهؤلاء جميعًا أؤكد أن الرأى لا يمكن أن يواجه إلا بالرأى ، أما تكميم الأفواه فلا يفيد إلا حاجة فى نفوس من يقوم به.
وأتساءل ..أما آن لنا أن نعيش فى مجتمع يحترم أبناءه ويقدر حريتهم ؟
أما آن لهذه القلوب الجامدة أن تلين ؟
ما أرجوه من السيد مكرم محمد أحمد - ونحن نعلم أنه يستطيع - أن يصر على حل أزمة مجموعة من صحفيى مصر الشرفاء ، أصحاب أقلام جريئة لم تركع أو تبيع أقلامها لمن يدفع أكثر ، كما أنها - فى نفس الوقت - لم تتجن على أحد أو تشهر بمسئول أو تقذفه كما يفعل آخرون الآن.
نحن ندرك أن نقيبنا فى استطاعته حل الأزمة وعدم إحالتنا للزمن باعتباره جزءًا من أسباب النسيان ، لأننا ببساطة لن ننسى هذه الجريدة التى أعطتنا كل شئ ، وسنظل ندافع عن بقائها أو حل أزمة أبنائها لمدة قد لا يتصور من أغلقها أننا نسطيع الصمود خلالها .
لن نيأس لأننا مقبلون على عام ثالث ، بل سنزداد إصرارًا على استعادة حقنا المسلوب ، فإذا كنا ندافع عن حقوق الناس ولا نهدأ حتى نستعيدها ، فالأولى بنا ألا نهدأ حتى نستعيد حقنا .