١٤‏/١٠‏/٢٠٠٧

لماذا يحتفل المصريون في أعيادهم .. بالطعام؟

تمثل المناسبات لدى كل مجتمع منظومة وتراثا هائلا .. وما أكثر المناسبات التي يحتفل بها المصريون، من أعياد دينية ومناسبات وطنية وأعياد متوارثة منذ عصور الفراعنة مثل شم النسيم ووفاء النيل وغيرها

وفى هذه الأيام التي يستقبل فيها المسلمون عيد الفطر المبارك بدأت البيوت المصرية في إعداد الكعك والبسكويت والغرّيبة وغيرها من الأصناف التي تميز المائدة المصرية في عيد الفطر
الطريف أن ارتباط العيد بالطعام عند المصريين لا يتوقف على عيد الفطر وحده، بل يمتد ليشمل معظم إن لم تكن كل المناسبات

ارتباط وثيق

ويأتي ارتباط تلك المناسبات -باستثناء الوطنية- لدى المصريين بالمأكولات مدهشًا، ففيما عدا عيد الأضحى الذي يشترك فيه المسلمون في جميع انحاء العالم بتناول اللحوم فهناك "عاشوراء" التي يتم إعداد نوع من المأكولات يحمل اسم المناسبة ، وفى المولد النبوي الشريف لا بد من حلويات المولد، وفى رمضان يكاد لا يمر يوم دون أكل الكنافة والقطايف
أما شم النسيم اقترن بالفسيخ في الأساس ثم تطور الأمر للرنجة والبصل والخس والملانة وغيرهاولكن ما السبب في ارتباط المأكولات بمناسبات معينة ؟ وهل ظاهرة ارتباط مناسبة معينة بنوع معين من الطعام تتجه إلى الانقراض؟ وما علاقة هذه الظاهرة بالتغيرات الاجتماعية؟
هذه الأسئلة وغيرها حاولنا الإجابة عنها من خلال هذا التحقيق

في البداية نشير إلى أن المجتمع المصري يهتم بالطعام اهتماما فائقا ، فتخصص له الأسر مبالغ كبيرة .. وتشير الإحصاءات إلى أن انفاق الأسر الفقيرة على الطعام يلتهم من 67:61% من متوسط إنفاقها، بينما تنفق العائلات التي تنتمي إلى الطبقة الوسطى 56.33% من دخلها على الطعام

ظاهرة عالمية

يؤكد الدكتور مجدي نزيه - مسئول التثقيف الغذائي بمعهد التغذية بالقاهرة- أن ارتباط المناسبات بنوع معين من الطعام شئ معروف في العالم كله لا سيما في البلاد ذات الجذور التاريخية القديمة مثل مصر والصين والعراق الهند، فهذه المجتمعات ترتبط مناسباتها الاجتماعية والدينية بالعادات الغذائية ولكن يبقى لكل مجتمع تميزه وسلوكياته الغذائية الإيجابية والسلبية

وحول فائدة بعض المأكولات التي يتناولها المصريون في مناسباتهم يضيف خبير التغذية أن معظم الأكلات التي يتناولها المصري في المناسبات تتمتع بقيمة غذائية
فالعاشوراء مفيدة لأنها تتكون من القمح وجنينه المحتوى على فيتامين E
أما الفسيخ والملوحة وباقي الوجبات التي ترتبط بشم النسيم فيمكن تناولها بأسلوب صحي جدا إذا تم صنعها في المنزل وتناولها الشخص مع كثير من الليمون وكميات وفيرة من البصل مما يضفي عليها بعدا وقائيا وقد كتب المؤرخ "هيرودوت" عجبت للمصريين .. كيف يمرضون ولديهم البصل والليمون ؟

ويضيف : لابد أن يراعي المستهلك احتياجاته الغذائية المناسبة لسنه وجنسه ونشاطه اليومي ويجب الابتعاد عن المأكولات التي تحتوي على ملوثات حيوية أو كيماوية والخطأ الوحيد في ارتباط المناسبات بالمأكولات هو التركيز على تناول طعام معين في وقت معين

الأجداد أيضا

ولا يقتصر ارتباط المناسبات بالمأكولات على العصر الحديث لكن هناك جذورا تاريخية لذلك ، هذا ما يؤكده الدكتور عبد العزيز عبد الدايم الأستاذ بكلية الآثار بجامعة القاهرة ويضرب مثالا على ذلك بمناسبة عاشوراء حيث كان الشيعة في مصر يخرجون ويلقون قصائد في رثاء الإمام الحسين، وكان الخليفة الفاطمي يقيم ما أطلق عليه "سماط الحزن" الذي لا يقدم عليه سوى الشعير والجبن والعدس، ويحضره الخليفة مرتديا ملابس سوداء

وحين جاء الأيوبيون غيروا عاشوراء وأصبح يوم فرح وسرور وظهرت أكلة "العاشوراء"، وارتبطت بالمناسبة منذ ذلك الحين، وشم النسيم هو عيد فرعوني قديم يأكل الناس فيه الفسيخ والبصل ويقومون بتلوين البيض وهي عادات استمرت حتى وقتنا هذا

أما الدكتور سيد صبحي "أستاذ الصحة النفسية بجامعة عين شمس ومقرر شعبة الرعاية الاجتماعية بالمجالس القومية المتخصصة" فإنه يرى أن المناسبات فرصة لتغذية الجفاء والقحط الموجودين في النفس؛ شارحًا ما يعنيه بقوله "الطعام من شأنه تجميع الناس والجلوس في جماعة، ولا يتم ذلك بدافع التهامه ولكن لتكريم

ويشير سيد صبحي إلى أن مناسبات العالم المتحضر أيضا ترتبط بالطعام ويعد ذلك من فلكلورية الشعوب عالية القيمة
ويحذر الدكتور سيد صبحي من الابتعاد عن الأصالة ويؤكد أن هذه العادات هي الخيط الأخير الذي لابد أن نتعلق به للحفاظ على هويتنا وأصالتنا واحترامنا لذاتنا

ظاهرة صحية

وتشاركه في الرأي الدكتورة سامية خضر "أستاذة الاجتماع بجامعة عين شمس" حيث ترى أن ارتباط المناسبات بأنواع معينة من الطعام ظاهرة صحية للغاية، وأمر مشروع، ويشيع البهجة في المجتمعات
ولكن العيب الوحيد في هذه الظاهرة – كما ترى أستاذة الاجتماع - هو الإسراف في كمية الطعام الذي يعتبر من سمات الدول النامية
وتشير إلى أن الفقراء أكثر إسرافا من الأغنياء لعدم قدرتهم على التنظيم

رأي الشريعة

وللتعرف على رأي الشريعة الإسلامية في مسألة ارتباط المناسبات بأنواع معينة من الطعام سألنا الدكتور سعيد أبو الفتوح "أستاذ الشريعة الإسلامية بحقوق عين شمس الذي قال "إن الإنسان إذا أراد أن يوسع على آهل بيته بأشياء غير محرمة في مناسبة ما، فلا مانع من هذا شرعا بحيث لا يصل الأمر إلى الاعتقاد بأنه من الوجب عليه أن يفعل هذا وإلا صار الأمر من قبيل البدعة التي يجب أن نحاربها

هناك تعليقان (٢):

محمد يقول...

كل عام وأنت بخير

وتقبل الله منا ومنكم

جميل المقال .. سلمت يمناك

:)

koukawy يقول...

انا كتب من فتره موضوع بوستايه عن نفس الموضوع بالظبط