٢٢‏/١٢‏/٢٠٠٧

المهزلة التأخيرية



الطبيعى إذا دعيت لحضورحفل زواج أن تجد العريس فى استقبالك بابتسامة ممتدة على وجهه ، مرتديًا " الحتة اللى على الحبل " سواء كانت تمليكًا أو إيجارًا أو استعارة من أحد الأصدقاء ، ولكن الحاضرين حفل زواجى السعيد فوجئوا بأنهم مضظرون لاستقبالى وليس العكس

حيث أبيْت فى هذا العُرس الموعود إلا أن أمارس هوايتى المزمنة فى التأخير ، تلك الهواية التى التصقت بى منذ الصغر ولا ترغب فى أن تغادرنى إلى الآن . وبصراحة لم أبذل جهدًا جادًا من أجل التخلص منها . وهى صفة لا أحبها بالطبع ، ولكنها تمثل لى قرين السوء الذى لم أستطع فراقه منذ زمن طويل

ورغم كرهى الشديد لهذه الصفة إلا أننى لم أتمكن حتى الآن من الفكاك منها ، تماما مثل النحس الذى يواجهه نادى الزمالك الذى يلازمه الفشل مهما استقدم من مدربين ولاعبين وحتى جمهورًًًًًا جديدًًا

يحدث ذلك رغم إيمانى الكامل – نظريًا – بأهمية الانضباط فى المواعيد ، وحتمية عدم التأخير ، بل وحفظى لعدد لا نهائى من المواقف التى أثر فيها التأخير سلبيًا على أعمال كثيرة ، ولكن يبدو أنك تضطر فى بعض الأحيان للاستسلام لواقع لا ترضاه لأنك تشعر باستحالة تغييره

المبررات لا تنتهى فى تبرير التأخيرالذى أصبح الأصل فى مجتمعنا المصرى ، فالزحام الذى لا يختفى من شوارعنا العامرة بالسيارات ، وجشع وتلكؤ سائقى كافة وسائل النقل بلا استثناء، ورداءة حالة الطرق ، وشيوع ثقافة التأخير للدرجة التى يصبح فيها الملتزم بمواعيده استثناء من القاعدة ، والنوم المتاخر بسبب الانشغال فى أكثر من عمل لتدبير الاحتياجات الضرورية للمعيشة ، وأبناؤك الذين لا يقتنعون بضرورة أن تأوى إلى فراشك مبكرا لتدرك مواعيد عملك ؛ فيستمر اللعب والصهللة من جانبهم طوال الليل ، والمطر الذى يمكنه إغلاق أكبر شوارع مصر فى 5 دقائق ، كل هذه العوامل وغيرها أسباب للتاخير بالطبع ، ولكنها ليست عذرًا ، بعد أن تحول إلى عادة

المواقف ليس لها حصر تلك التى أضاع منى التأخير فيها فرصًًًًًًًًًًًًا ذهبية ، ولن أستجيب لتطلعاتكم بذكرها بالتفصيل ، ليس بخلاً أو نتيجة أعراض الزهايمر ولكن لتكرارها الممل

أذكر يومًا فى أيام طفولتى البهيجة حين أرسلتنى والدتى – حفظها الله – لشراء أحد الأشياء التى تحتاجها فى إعداد الغذاء ، فإذا بى أفاجأ بعدد لا حصر له من الأصدقاء يقابلوننى بامتداد الطريق ، فلا أعود للمنزل إلا بعد وقت طويل كانوا خلاله أرسلوا من يشترى نفس الشئ ، وأعدوا الطعام بل وانتهوا من تناوله ايضا

ولا أنسى – إن نسيت – العرق الذى كان يتصبب منى - خلال أيام الدراسة – خوفًا من عدم سماح المراقبين بدخولى الامتحانات بسبب التأخير ، أو نظرات اللوم من رؤسائى فى العمل الذى يمكن أن أتاخر عنه بالساعات ، أوكلمات التقريع التى تنهال على أذنى من الزملاء والأصدقاء مع كل تأخير فى موعد معهم
وللأسف ..لاهم توقفوا عن تلك النظرات أو الكلمات ، ولا توقفت أنا عن التأخير فى مواعيدى

لا اريد أن ألمح فى وجوهكم ابتسامة صفراء حين أخبركم بما يحدث لى حين أضطر أن أذهب إلى بعض المواعيد لا لحضورها بل للاعتذار عن تأخرى عنها والعودة مع العائدين ، بما يمثل ذلك من خسارة فى نيل خير هذه المواعيد أو الحصول على نصيبى مما لذ وطاب مما يؤكل ويشرب ، لأنه ببساطة إما أن تكون هذه الأشياء قد انتهت ، أوتحُول " سدة النفس " دون تمكنى من الحصول عليها .

تكرار الظاهرة لا يسعدنى بالطبع إلا أنها أصبحت ملازمة لى ، فحتى هذا التقرير الذى أكتبه تأخرت فى إعداده عدة شهور
هو تأخيرٌ مملٌ للدرجة التى أتصور معها أنه لا فكاك، ولكن ما زلت لم أفقد الأمل حتى الآن .. أمل فى أن أتخلى عن تطبيق المقولة التى أطلقها أحد الكسالى وهى " أن تصل متأخرًا خيرٌ من ألا تصل أبدًا " فعدم الوصول أفضل كثيرًا من الذهاب المتأخر الذى يعيق الأعمال ، ويصيب الجميع

المهم أنى حتى الآن لم أتمكن من الوصول إلى حل لتلك المعضلة ، بمعنى أننى تأخرت أيضا فى ذلك . ولكن من يدرى.. ربما لا يتاخر أحدكم قى نصحى بكيفية وضع حد لهذه المهزلة التأخيرية .. فهل سيستجيب أحدكم فى إهدائى حلا ؟ أم أنكم ستتأخرون فى ذلك ...مثلى ؟

هناك ٥ تعليقات:

غير معرف يقول...

علمتني الحياة

قصيدة للشاعر المصري الكبير :
محمد مصطفى حمام


عـلَّـمـتـنـي الحياةُ أن أتلقّى *** كـلَّ ألـوانـهـا رضـاً وقبولا
ورأيـتُ الـرِّضـا يـخفِّف أثقا *** لـي ويُـلقي على المآسي سُدولا
والـذي أُلـهـم الـرِّضا لا تراهُ *** أبـدَ الـدهـر حـاسداً أو عَذولا
أنـا راضٍ بـكـل مـا كتب الله *** ومُـزْجٍ إلـيـه حَـمْـداً جَزيلا
أنـا راضٍ بـكل صِنفٍ من النا *** سِ لـئـيـمـاً ألـفيتُه أو نبيلا
لـسـتُ أخـشـى من اللئيم أذاه *** لا، ولـن أسـألَ الـنـبيلَ فتيلا
فـسـح الله فـي فـؤادي فلا أر *** ضـى مـن الحبِّ والوداد بديلا
فـي فـؤادي لـكل ضيف مكان *** فـكُـنِ الـضيفَ مؤنساً أوثقيلا
ضلَّ من يحسب الرضا عن هَوان *** أو يـراه عـلـى الـنِّفاق دليلا
فـالـرضا نعمةٌ من الله لم يسـ *** ـعـد بـهـا في العباد إلا القليلا
والـرضـا آيـةُ البراءة والإيـ *** ـمـان بالله نـاصـراً ووكـيلا

* * *
عـلـمـتني الحياةُ أنَّ لها طعـ *** ـمَـيـن، مُـراً، وسائغاً معسولا
فـتـعـوَّدتُ حـالَـتَـيْها قريراً *** وألـفـتُ الـتـغـيير والتبديلا
أيـهـا الـناس كلُّنا شاربُ الكأ *** سَـيـن إنْ عـلقماً وإنْ سلسبيلا
نـحـن كالرّوض نُضْرة وذُبولا *** نـحـن كـالـنَّجم مَطلعَاً وأُفولا
نـحـن كـالـريح ثورة وسكوناً *** نـحـن كالمُزن مُمسكاً وهطولا
نـحـن كـالـظنِّ صادقاً وكذوباً *** نـحـن كـالحظِّ منصفاً وخذولا

* * *
قـد تـسـرِّي الحياةُ عني فتبدي *** سـخـريـاتِ الورى قَبيلاً قَبيلا
فـأراهـا مـواعـظـاً ودروساً *** ويـراهـا سـواي خَـطْباً جليلا
أمـعـن الناس في مخادعة النّفـ *** ـسِ وضـلُّـوا بصائراً وعقولا
عـبـدوا الـجاه والنُّضار وعَيناً *** مـن عـيـون المَهَا وخدّاً أسيلا
الأديـب الـضـعيف جاهاً ومالاً *** لـيـس إلا مـثـرثـراً مخبولا
والـعـتـلُّ الـقويُّ جاهاً ومالاً *** هـو أهـدى هُـدَى وأقـومُ قيلا
وإذا غـادة تـجـلّـت عـليهم *** خـشـعـوا أو تـبـتّلوا تبتيلا
وتَـلـوا سـورة الـهـيام وغنّو *** هـا وعـافـوا القرآن والإنجيلا
لا يـريـدون آجلاً من ثواب الله *** إنَّ الإنـسـان كـان عـجـولا
فـتـنـة عـمّـت المدينة والقر *** يـةَ لـم تَـعْـفِ فتية أو كهولا
وإذا مـا انـبـريتَ للوعظ قالوا *** لـسـتَ ربـاً ولا بُعثتَ رسولا
أرأيـت الـذي يـكـذِّب بـالد *** يـن ولا يـرهب الحساب الثقيلا

* * *
أكـثـرُ الناس يحكمون على النا *** س وهـيـهات أن يكونوا عدولا
فـلـكـم لـقَّـبوا البخيل كريماً *** ولـكـم لـقَّـبـوا الكريم بخيلا
ولـكـم أعـطَـوا الملحَّ فأغنَوا *** ولـكـم أهملوا العفيفَ الخجولا
ربَّ عـذراء حـرّة iiوصـموها *** وبـغـيٍّ قـد صـوّروها بتولا
وقـطـيـعِ الـيدين ظلماً ولصٍ *** أشـبـع الـنـاس كـفَّه تقبيلا
وسـجـيـنٍ صَـبُّوا عليه نكالاً *** وسـجـيـنٍ مـدلّـلٍ تـدلـيلا
جُـلُّ مـن قـلَّـد الـفرنجة منا *** قـد أسـاء الـتـقـليد والتمثيلا
فـأخـذنـا الخبيث منهم ولم نق *** بـسِ مـن الـطـيّبات إلا قليلا
يـوم سـنَّ الـفرنج كذبةَ إبريـ *** ـلَ غـدا كـل عُـمْـرنا إبريلا
نـشـروا الرجس مجملاً فنشرنا *** هُ كـتـابـاً مـفـصَّلاً تفصيلا

* * *
عـلـمتني الحياة أنَّ الهوى سَيْـ *** ـلٌ فـمـن ذا الذي يردُّ السيولا
ثـم قالت: والخير في الكون باقٍ *** بـل أرى الخيرَ فيه أصلاً أصيلا
إنْ تـرَ الـشـرَ مستفيضاً فهوِّن *** لا يـحـبُّ الله الـيئوس الملولا
ويـطول الصراع بين النقيضَيـ *** ـنِ ويَـطوي الزمانُ جيلاً فجيلا
وتـظـلُّ الأيـام تعرض لونَيْـ *** هـا عـلى الناس بُكرةً وأصيلا
فـذلـيـلٌ بالأمس صار عزيزاً *** وعـزيـزٌ بـالأمس صار ذليلا
ولـقـد يـنـهض العليلُ سليماً *** ولـقـد يـسـقـطُ السليمُ عليلا
ربَّ جَوعانَ يشتهي فسحة العمـ *** ـرِ وشـبـعانَ يستحثُّ الرحيلا
وتـظـلُّ الأرحـامُ تـدفع قابيـ *** لاً فـيُـردي بـبـغـيـه هابيلا
ونـشـيـد الـسـلام يتلوه سفّا *** حـون سَـنُّوا الخراب والتقتيلا
وحـقـوق الإنـسان لوحة رسّا *** مٍ أجـاد الـتـزويـر والتضليلا
صـورٌ مـا سرحتُ بالعين فيها *** وبـفـكـري إلا خشيتُ الذهولا

* * *
قال صحبي: نراك تشكو جروحاً *** أيـن لـحن الرضا رخيماً جميلا
قـلـت أما جروح نفسي فقد عوَّ *** دْتُـهـا بَـلـسَـمَ الرضا لتزولا
غيرَ أنَّ السكوتَ عن جرح قومي *** لـيـس إلا الـتقاعسَ المرذولا
لـسـتُ أرضـى لأمـة أنبتتني *** خُـلُـقـاً شـائـهاً وقَدْراً ضئيلا
لـسـتُ أرضى تحاسداً أو شقاقاً *** لـسـتُ أرضى تخاذلاً أو خمولا
أنـا أبـغي لها الكرامة والمجـ *** ـدَ وسـيـفـاً على العدا مسلولا
عـلـمـتني الحياة أني إن عشـ *** ـتُ لـنفسي أعِشْ حقيراً هزيلا
عـلـمـتـنـي الحياةُ أنيَ مهما *** أتـعـلَّـمْ فـلا أزالُ جَهولا(1)


(1) أُلقيت في المركز العام للشبان المسلمين، وفرغ الشاعر من إنشادها، ثم أجهش بالبكاء!!!

غير معرف يقول...

أخشى أن تعرف وتندم على قيمة الثانية والفيمتو ثانية يوم لا ينفع المعرفة ولا الندم.. أفق واستيقظ قبل فوات الأوان.
وبعدين كيف منظرك وأنت أب ومعلم وقدوة؟؟؟
ثم ألا تهزك الكلمات والتقريع ..؟ هو انت مصري؟!!!

غير معرف يقول...

أرى والله أعلم أنا الحل الوحيد هو المحافظة على صلاة الفجر وعدم النوم بعد الفجر مهما غلبك فتأكد أنها ما هي إلا أيام وستعود نفسك على الاستيقاظ مبكرا وبالطبع إذا كنت استيقظت مبكرا ستنام أيضا مبكرا حتى لو ركب أولادك فوق كتفك ليلا ،،،،، أما بالنسبة للمواعيد العادية أي غير العمل فعليك أولا استحضار النية على عدم التأخير والاستعداد قبلها بوقت بسيط حتى تكون مؤهلا لها ،،،، وعليك باستشعار عظمة الأجر الذي سيولد من هذا الميعاد ،،،،، أما في الأمور عامة عليك أن تجعل نفسك قدوت وتتحدث عن عدم التأخير كثيرا كثيرا حتى تحاول مطابقة ما تقول من الكلام وانت سيد العارفين ........ أخوك عمر منطاش

محمد يقول...

استعن بالله

وحافظ على مواعيدك

هذه هي النصيحة التي وجهها أحد الخبراء لأحد الشاكين من أمر مماثل

قال له إذا أردت أن تحافظ على مواعيدك فحافظ عليها

فهذا الأمر لن يخرج عن كونه عادة .. والعادة من التعود وأنت إذا عودت نفسك واجتهدت على الإنضباط فمع الوقت إن أخطأت في عشر مواعيد فستصيب واحدا منهم

أعانك الله

............

بعيدا عن الموضوع .. تناولك لهذا الموضوع أعجبني جدا .. بارك الله في يمينك ,, ويسارك

غير معرف يقول...

يا استاذ ياسر حضرتك بصراحة قولتلى كلمة غريبة جدا متنافية مع هذا المقال كان لسة بقالى اسبوع فى الموقع وسلمت 3 موضوعات و بعدين حضرتك بتقولى فين الحوار الفلانى بقالك شهر بتكتبيه !! حصل خير واضح ان كلنا متأخرين
سارة