٩‏/٢‏/٢٠١٣

مصاب الثورة عبد الله شلش : أشاهد الدنيا بعيون زوجتى


لم يكن يدرى حين توجه إلى ميدان التحرير للمشاركة فى جمعة الغضب - التى تداعى إليها الثوار يوم 28 يناير2011- أنه سيعود دون عينيه ، أو أنه سيكون أحد مصابى الثورة الذين سيحملون هذا الوسام طول حياتهم . ورغم ذلك لم يندم على هذه الإصابة التى لحقت بعينيه ؛ بل كان يتمنى أن يموت فى سبيل تحقيق هدف الحرية الغالى ، مؤكدا أن الذين قضوا نحبهم خلال أيام الثورة فازوا بالنصيب الأوفر بينما كان جزاء المصابين بعدهم فى المرتبة الثانية .
وكان شعور عبد الله شلش - أحد مصابى الإخوان فى الثورة - بالفخر أكثر حين توجه إلى نفس المكان الذى استقبلت فيه كلتا عينيه الخراطيش الثلاثة ، حيث أحس حين زار ميدان التحرير بعد الثورة – فى مليونية 18 يوليو - أنه قام بدور  فى تحرير مصر من الكابوس الذى ظل جاثما على أنفاس أبنائها طوال ثلاثين عاما . كما يشكر الله على أنه اصطفاه من بين الملايين ليحصل على هذا الشرف الكبير بأن تصاب عينيه فى سبيل الوطن ، وبناء على كلمة حق عند السلطان الجائر الذى دمر مع أعوانه الحرث والنسل .  
وأفسح المجال أمام " شلش " ليحكى ما حدث معه خلال أيام الثورة حيث يقول: صليت الجمعة مع جموع غفيرة من الإخوان فى مسجد بشارع ترسا وبعدها خرجنا فى مظاهرة نحو التحرير بدأت بخمس مائة شخص إلى أن أصبح حصر عدد المشاركين فيها صعبا حين وصلت إلى التحرير ؛ بسبب انضمام حشود كبيرة إليها من كافة الشوارع والمناطق التى مرت عليها ، لافتا إلى أن الرحلة لم تكن سهلة ؛ حيث واجهت المظاهرة مقاومة عنيفة للغاية من جانب أكثر من قوة أمنية فى شارع الهرم ، وميدان الجيزة ، وكوبرى قصر النيل ، وانتهاء بثلاث حوائط صد بشرية داخل الميدان . إلا أن المتظاهرين تمكنوا من صد هذه الهجمات العنيفة ، وتخطى هذه الحواجز التى انهارت بسبب العدد الكبير والإصرار الذى كان مسيطرا على الجميع بأن يضعوا نهاية لهذه الفترة العصيبة من تاريخ مصر .
ويضيف مصاب الثورة : بعد وصولنا إلى التحرير لم يتوقف ضرب الشرطة لنا بالقنابل المسيلة للدموع والخراطيش ، ولمحت أحد الجنود يسير بجوار أحد الحوائط فقذفته بالحجارة فى نفس اللحظة التى فوجئت فيها بثلاث رصاصات تستقر فى عينى ؛ الأمر الذى أفقدنى البصر على الفور . ومنذ ذلك الحين بدأت رحلة العلاج لمحاولة إعادة النور إلى عينى . وتمكنت بعد عمليتين من أن أشاهد الأشياء بصعوبة بالغة ، كما أكد الأطباء أن هناك عمليتين أخريين لابد من إجرائهما لإزالة " زيت السيليكون " وضبط الشبكية .
كان شلش يعمل محاسبا فى أحد مصانع الطوب بمدينة البدرشين بالجيزة ، إلا أنه توقف – بالطبع – عن ممارسة العمل بسبب الإصابة ، وأصر خلال لقائى معه على توجيه الشكر لصاحب المصنع الذى كان يعمل به – الحاج رأفت الحمزاوى – على وقفته المتميزة معه بعد الإصابة ، كما لم ينس عبد الله الإشارة إلى موقف زوجته نادية لبنة التى كانت عينه التى يشاهد بها العالم منذ إصابته حتى الآن .
الطريف |أن الرصاصات الثلاث التى استقرت فى عينى شلش لم تكن الهدية الأولى التى تلقاها من النظام السابق ؛ حيث سبق أن قضى فترات طويلة من الاعتقال خلال الانتخابات البرلمانية منذ عام 2000 حتى 2010 ، كما كان ضيفا دائما على مقر مباحث أمن الدولة .