٦‏/٦‏/٢٠١٥

بالصور.. "بيت الرصيف" قبلة القراء للكتب المستعملة في مصر

غادة العقبي
تعشق غادة العقبي القراءة، وترى أن الكتب القديمة كنز لا يمكن أن يستغني عنه أي مرتبط بالثقافة. تعرف طريقها إلى "سور الأزبكية" جيداً، وتداوم على زيارته كل فترة.
حين علمت بأن هناك معرضاً للكتب القديمة سوف يفتتح في ضاحية المعادي جنوب القاهرة، كانت سعادتها كبيرة؛ إذ ترى أن الكتب التي تحصل عليها من معارض الكتب القديمة والمستعملة لا يمكن أن تجدها في مكتبات الكتب الجديدة؛ ليس فقط بسبب أسعارها الأقل كثيراً عن مثيلاتها الجديدة، ولكن لأنها تتضمن آلاف الكتب التي تمثل مراحل لم تعاصرها أو تتابع موجات النشر فيها.
وتعتبر الكتب القديمة مصدراً ثرياً للمعرفة لدى قطاع كبير من الشباب الذين يعتمدون عليها بشكل كبير في تلبية نهمهم في القراءة، ومساعدتهم في مجالات عملهم في كثير من الأحيان.
وتؤكد "غادة" أنها جاءت إلى معرض الكتب القديمة والمستعملة الذي أقيم في "بيت الرصيف" لتشتري كتباً في التاريخ والفن والأحجار الكريمة والمعادن والمشغولات اليدوية، وهي المجالات التي تفضل القراءة فيها، موضحة أن أسعار الكتب في الحدود المناسبة، فمعظمها رخيص الثمن، وحتى الكتب المتميزة وغالية السعر –أصلاً- تتوفر بأسعار في متناول الشباب.
وتشير إلى أن الكتب القديمة لها مذاقها، مبدية أسفها على أن عدداً كبيراً من الشباب لا يقرأ سوى الروايات؛ حيث الأسلوب الجذاب في الكتابة، في مقابل الجفاف "الطبيعي" الذي يسيطر على أسلوب الكتابة في غيرها من المجالات.
وتشير "غادة" إلى ظاهرة إقبال الشباب على القراءة بشكل أكبر خلال السنوات الأربع الأخيرة؛ في محاولة منهم لـ"مواكبة العصر، واللحاق بالعالم الذي لا يتوقف عن القراءة".
- بين جنيه و20
ويعتبر معرض الكتب القديمة، الذي يعقد سنوياً في "بيت الرصيف" بالقاهرة، واحداً من الروافد الثقافية المهمة التي تلبي نهم القراء في الحصول على كتب قديمة بأسعار تتراوح بين جنيه و20 جنيهاً، وهي أسعار زهيدة للغاية مقارنة بأسعار الكتب نفسها التي يصل متوسطها إلى 25 جنيهاً، فضلاً عن توفر آلاف العناوين التي تتيح لزوار المعرض العثور على الكتب التي يعرفونها، والتي لم يسمعوا عنها أيضاً، وذلك باللغتين العربية والإنجليزية.
المعرض أقيمت دورته الثالثة مؤخراً، ويقع في ضاحية المعادي جنوب القاهرة، ويرتاده عدد كبير من الزوار معظمهم من الشباب، ويعتمد في الدعاية والتعريف به على مواقع التواصل الاجتماعي فقط، ويشير القائمون عليه إلى أن الروايات، والكتب الدينية، والفنية المتخصصة، هي الأكثر جذباً للمشترين.
- اختيار موفق للمكان
محمد دياب، موظف بإحدى شركات الاتصالات، يُعَرف نفسه بأنه من أوائل المشاركين في أي معرض للكتب القديمة، ومنها "بيت الرصيف"، ويرى أن اختيار حي المعادي "الراقي" ليكون مقراً للمعرض اختيار موفق؛ حيث ساهم في زيادة الإقبال من جانب القراء.
ويفسر محمد ذلك، في حديث لـ"الخليج أونلاين"، بأن الإقبال على القراءة يختلف وفقاً للمكان الذي يعيش فيه الإنسان؛ فكلما تمتع بمستوى دخل جيد، يمكنه أن يخصص جزءاً منه لشراء الكتب القديمة والجديدة، في حين أن هناك مناطق يهتم الشباب فيها بالعمل ليل نهار، من أجل تكوين أسرة، فيما يسعى الباقون إلى البحث عن توفير الأكل والشرب لعائلاتهم.
محمد دياب
ويضيف: "من يبحث عن لقمة العيش لا وقت لديه للقراءة. واستقطاع جزء من الدخل لشراء الكتب أمر غير وارد"، موضحاً أن "الرصيف" يختلف بشكل كبير عن سور الأزبكية، بتناسق العرض، وجودة حالة الكتب، وتنوع مجالات اهتمامه.
- الكتاب يكسب
عبد الله محمد، طالب بكلية الحقوق بجامعة حلوان، يزور المعرض للمرة الأولى، ويبدي إعجابه الشديد بـ"بيت الرصيف" من ناحية نوعية الكتب الموجودة فيه، والتي تغطي كل المجالات التي يبحث عنها، إضافة إلى العدد الكبير للعناوين والكتّاب، فضلاً عن الأسعار المناسبة للكتب داخل المعرض؛ والتي لا تمنع أحداً من اقتناء مجموعة كبيرة منها بجنيهات قليلة تناسب دخله كطالب جامعي.
عبد الله محمد
ويشير "عبد الله"، في حديث لـ"الخليج أونلاين"، إلى أنه دائم التردد على سور الأزبكية، وأن الكتب التي يحرص على اقتنائها تتركز في الروايات، والتراجم الذاتية، والأعمال الشعرية، والتنمية البشرية ، وأنه يفضل القراءة في الكتاب وليس إلكترونياً عبر الكمبيوتر أو الهاتف الجوال، مؤكداً أن القراءة من الكتاب مباشرة أكثر إمتاعاً وإفادة.
ويوضح أن ارتفاع أسعار الكتب الجديدة يدفع الكثير من الشباب للجوء إلى معارض الكتب القديمة والمستعملة، وأنه يقوم بتبادل الكتب مع أصدقائه تغلباً على ارتفاع أسعار الكتب.
- الشباب أكثر إقبالاً
أما عمر الحضري، فهو طالب بكلية التجارة بجامعة القاهرة، يعمل مديراً للتوزيع في دار نشر "الرسم بالكلمات"، ويشير إلى أن القصص والروايات العربية والمترجمة هي الأكثر مبيعاً في المعرض، لافتاً إلى اهتمام مكتبته بتوزيع الكتب القديمة؛ لأن هناك كتباً كثيرة توقفت طباعتها، ولم يقرأها الكثير من الشباب أو الكبار؛ ولذلك تعتبر كنزاً يبحث الكثيرون عنه، ويحرصون على اقتنائه.
عمر الحضري
ويشير "الحضري" إلى أن البنات بين رواد المعرض أكثر بنسبة 65%، وأن الشباب من الجنسين يزيدون بنسبة 20% كل عام. مبرراً ذلك بأن اطلاع الشباب على وسائل التواصل الاجتماعي "السوشيال ميديا" يسهل لهم التعرف على مواعيد المعرض، بعكس الأكبر سناً، والذين قد لا يتمكنون من ذلك.
ويوضح "نقطة مهمة"، تتمثل في أن الشباب يأتي إلى "الرصيف " للبحث عن الكتاب وليس الكاتب، ويرى أنه استفاد من المعرض كقارئ أكثر من استفادته كتاجر.
- أزمة "الهاي كوبي"
زميل الحضري، وأحد مؤسسي مكتبة "كتابيكو"، رضوان المندوه، أكد أنه يشارك في معرض "بيت الرصيف" بكتب جديدة تغطي مجالات التنمية البشرية، والروايات، والشعر، والفكر، والاقتصاد.
ويشير إلى أن بعض مرتادي المعرض يطلبون منه ترشيح كتب في مجالات معينة، إلا أن معظم القراء يعرفون ماذا يشترون.
رضوان المندوه
وأوضح المندوه، لـ"الخليج أونلاين"، أن مشاكل الكتب الجديدة لا تنتهي، وعلى رأسها "الهاي كوبي"، وهي "النسخ التي يتم تزويرها من الكتب بمجرد طرحها في الأسواق" ، والتي تسبب خسائر مالية فادحة للناشرين والكتاب على حد سواء.
- وسيط بين التجار والقراء
التقينا عزت خورشيد، أحد المشرفين على معرض الكتب القديمة في "بيت الرصيف"، فأشار إلى أن فكرة تنظيم المعرض جاءت نتيجة الفجوة التي لاحظها المشرفون على "البيت" بين القراء والتجار؛ "فحتى تشتري الكتب التي تحتاج إليها إما أن تذهب إلى سور الأزبكية، أو تنتظر معرض الكتاب الذي يعقد مرة واحدة سنوياً".
ويستطرد: "مع إنشاء المركز الثقافي الذي يحمل اسم بيت الرصيف فكرنا في أن نبني به مكتبة، وبالفعل التقينا عدداً من التجار لهذا الغرض، ثم تطورت الفكرة إلى أن يتم تنظيم معرض كتاب سنوي يتم خلاله عرض الكتب القديمة والمستعملة بأسعار مناسبة".
ويشير عزت إلى أن معرض هذا العام هو الثالث، وأن نسبة 80% من معروضات المعرض من الكتب المستعملة، في حين تستحوذ الكتب القديمة على 20%.
عزت خورشيد
ويلفت إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي هي الوسيلة الوحيدة للدعاية للمعرض، وأن صفحة المعرض على "فيسبوك" وصل عدد المشاركين فيها إلى 23 ألف شخص، في حين يصل عدد أعضاء صفحة "الرصيف" إلى 600 ألف عضو. مختتماً بأن المعرض يسعى إلى ألا يترك حجة لأحد في عدم القراءة، وأن أكثر الكتب مبيعاً هي الكتب الأدبية والتاريخية وكتب "الفنون المتخصصة" والإسلاميات.
http://alkhaleejonline.net/#!/articles/1432099787230152100/

ليست هناك تعليقات: