١٧‏/٣‏/٢٠١٦

فيسبوك و"طنيطر" ينجحان في الإطاحة بالزند


من جديد، تمكن موقعا "فيسبوك" و"تويتر" من الإطاحة بوزير آخر انزلق لسانه ليسيء للنبي صلى الله عليه وسلم، بعد شهور من إطاحتهما بسلفه الذي أساء إلى الفقراء.
وقبل 4 أعوام، تنبأ المستشار أحمد الزند بأهمية موقعي التواصل الاجتماعي، رغم أنه بالتأكيد لم يكن يعلم أن خروجه من مبنى وزارة العدل سوف يكون بسببهما، بعد أن أصبحا المحرك الرئيس للرأي العام في مصر، بشكل بات أكثر تأثيراً من وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية مجتمعة، فقد شن هجوماً في 2012، على "فيسبوك" و"طنيطر" خلال مداخلته مع الإعلامي الذي سبقه إلى "الدكة" توفيق عكاشة، مواسياً له على الهجوم الذي كان يتعرض له حينئذ، ووصف الموقعين بأنهما "ملآ حياة المصريين بالقباحة وقلة الأدب" وفقاً لتعبيره .
ورغم أن التصريح المسيء للنبي، الذي خلق رأياً عاماً مضاداً للزند في 24 ساعة، إلا أنه، بالتأكيد، لم يكن السبب الوحيد الذي أدى إلى ذلك الخروج المهين لأبرز قاض دعم النظام في مصر، منذ أن بدأ نجمه في الظهور على الساحة السياسية والقضائية، بتحديه لتيار الاستقلال القضائي الذي كانت موجاته تزداد اتساعاً في المشهد المصري، وتمكنه من التغلب عليه والفوز بمقعد رئيس نادي القضاة، متفوقاً على المستشار زكريا عبد العزيز، الذي كان يشكل مع باقي رموز تيار الاستقلال أمل قطاع كبير من المصريين في تحقيق فصل حقيقي للسلطة القضائية عن التنفيذية، ومروراً بمعاركه الشهيرة مع الرئيس المنتخب وحكومته خلال العام الذي حكم فيه الرئيس محمد مرسي.
فالزند أعلن رفضه الصريح لحكم الإسلاميين، وقاد القضاة إلى إجراءات مثلت عاملاً مهماً من عوامل الإسراع بحدوث انقلاب 2013، غير المعارك التي خاضها ضد إعلاميين، وسياسيين لم يتوقفوا عن اتهامه بالفساد المالي والاستيلاء على المال العام، وكان على رأسهم المحامي عصام سلطان، نائب رئيس حزب الوسط، والإعلاميين مجدي الجلاد ووائل الإبراشي.
إضافة إلى ذلك، كان تعيينه وزيراً للعدل صدمة لم تكن أقل من صدمة التصريحات التي أطلقها الوزير السابق؛ حيث لم يكن تصريح الزند بأن "القضاة أسياد البلد" بعيداً عن الذاكرة، مما دعا عدداً كبيراً من النشطاء إلى إعلان أنه لا أمل في تحقيق العدالة في مصر، "كيف تنتظرون العدل في بلد أصبح أحمد الزند مسؤولاً عن العدل فيه".
- امتداد للسقطات
مثل التصريح الأخير للزند نهاية مأساوية للوزير الذي يطلق على نفسه "أسد القضاة"، الذي يتمتع بشعبية كبيرة بين القضاة؛ بسبب مساندته غير المحدودة لهم، وتفضيله لهم على باقي فئات الشعب المصري، كما كانت امتداداً لسلسلة من السقطات التي أثارت صدمة لدى الرأي العام المصري في حينها، ولم يقابلها أي رد فعل من جانب المسؤولين في مصر، وهو الأمر الذي دفع البعض إلى الاعتقاد بأن التصريح الأخير سوف يمر ويتوه في زحام الأحداث المتسارعة في مصر، كما مرت تصريحاته السابقة.
وجاء التصريح الأخير خلال تهديده للصحفيين الذين يواصلون الهجوم عليه قائلاً: "لو مكنش دول اللي هيتحبسوا أمال مين اللى هيتحبس أمال السجون اتعملت عشان مين" ليقاطعه حمدى رزق "هتحبس صحفيين" ليرد عليه الزند "لو نبى عليه الصلاة والسلام أحبسه".
ومن أشهر التصريحات التي أدلى بها الزند خلال مسيرته الطويلة، إشارته إلى أن المواطن المصري يستطيع أن يعيش بجنيهين أو ثلاثة في اليوم، في معرض تهوينه من الوضع الاقتصادي المتأزم على حال الشعب المصري، كما كان واضحاً حين أعلن عبر قناة "الفراعين" قائلاً: "نحن هنا على أرض هذا الوطن أسياد، وغيرنا هم العبيد، اللي هيحرق صورة قاضي هيتحرق قلبه وذاكرته وخياله من على أرض مصر".
ولم يكن أقل حدة حين أشار إلى أوائل خريجي كليات الحقوق، الذين تظاهروا أمام دار القضاء العالي، للمطالبة بحقهم في التعيين بالنيابة العامة، حين أكد أنه "سيظل تعيين أبناء القضاة سنة بسنة، ولن تكون قوة في مصر، تستطيع أن توقف هذا الزحف المقدس إلى قضائها"، فيما كانت أكثر التصريحات طرافة ما أشار فيها إلى سعيه إلى تخصيص مصيف للقضاة في شرم الشيخ قائلاً: "لو مكنش القضاة هما اللى يصيفوا فى شرم الشيخ مين اللي يصيف هناك؟".
- تصريح الطب الشرعي كان الأخطر
فيما أشار متابعون إلى أن تصريح الزند بشأن الرسول كان يمكن أن يمرر، إذا لم تكن الحلقة نفسها قد تضمنت تصريحاً أخطر، اعترف فيه الزند بصحة تقرير الطب الشرعي بِشأن مسؤولية وزارة الداخلية عن مقتل الطالب الإيطالي "جوليو ريجيني"؛ حيث أشار إلى أن تقرير الطب الشرعي الخاص بالطالب الإيطالي كما هو متداول بالاعلام بالفعل، إلا أنه لا يريد أن يكرر ما جاء فيه على الهواء حتى لا يستفيد منه "اللي بالي بالك"، في إشارة إلى "الإخوان".
وكشف تقرير الطب الشرعي أن تشريح جثة ريجيني أظهر وجود كسور وإصابات مختلفة، إضافة إلى علامات صعق بالكهرباء في مكان حساس، وأن جثة الشاب الإيطالي حملت علامات على جروح قطعية بآلة حادة، مشيراً إلى أنه تعرض على الأرجح إلى اعتداء بعصيّ ولكم وركل، إضافة إلى تسجيل إصابات داخلية في مختلف أنحاء جسم ريجيني ونزيف في المخ.
- تفكك المثلث المثير للجدل
جاءت الإطاحة بالمستشار أحمد الزند بعد أيام من الإطاحة بصديقه توفيق عكاشة من مجلس الشعب، حيث أسقطت عضويته لأسباب كان على رأسها استقباله السفير الإسرائيلي بمنزله، وهو الأمر الذي فسره مراقبون بأنه يأتي ضمن تخلص النظام المصري من الشخصيات التي تمثل عبئاً عليه، وتسببت في إقحامه في العديد من الخلافات، واضطرار النظام المصري إلى أن يكون في موقف المدافع عن نفسه وعن رجاله.
ولا شك أن "عكاشة" و"الزند" كانا الأكثر إثارة للمشاكل، في الوقت نفسه الذي كانا فيه الأكثر إخلاصاً للرئيس عبد الفتاح السيسي، ومحاربة للإخوان على طول الخط، إلا أنه في لحظة فاصلة وضع مدبرو الأمور في مصر نهاية لهاتين الشخصيتين الأكثر إثارة للجدل، ومن المتوقع أن يلحق بهما الضلع الأخير "مرتضى منصور"، الذي لا يقل عنهما صوتاً عالياً وإثارة للجدل والخلافات، وهو ما بدأ في التحقق بالفعل، بعد تقدم 200 من أعضاء مجلس النواب بطلب لإسقاط عضويته، إضافة إلى الحصار الذي تفرضه عليه معظم الصحف، وتهيئة وسائل الإعلام الرأي العام للإطاحة به في أقرب فرصة.
- ردود أفعال قضائية غاضبة
ورغم أن معظم ردود الأفعال كانت مؤيدة للإطاحة بأحمد الزند، فإن رد فعل القضاة كان مفاجئاً؛ حيث مثل تدخلاً صريحاً في عمل السلطة التنفيذية، ورفضاً غير مسبوق لقرارات الحكومة؛ رغم أن هؤلاء القضاة معروفون بالطاعة الكاملة لكافة القرارات الحكومية السابقة، والانصياع للتوجهات السياسية لـ"السيسي" الذي لا بد أنه وافق على قرار الإقالة، فضلاً عن أن يكون هو من أصدره بنفسه.
وكان رد فعل نادي القضاة سريعاً؛ حيث استبق قرار الإقالة بحملة لحماية رئيسه السابق من الإقالة، بادعاء أن "الزند" متدين، وبنى مسجداً، وأن الحملة التي شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي حركها الإخوان، في اتهام مكرر للإخوان بتحريك الرأي العام في مصر عبر "السوشيال ميديا".
كما أصدر النادي بياناً رفض فيه قرار الإقالة، وعقد اجتماعاً أعلن خلاله تذمره من إقالة الزند بهذه الطريقة، كما جاء إعلان القضاة المنتدبين للعمل بوزارة الدفاع أكثر حدة؛ حيث أعلن مسؤول لجنة الإعلام بوزارة العدل المستشار مصطفى عيسى أنهم لن يعملوا بالوزارة بعد خروج الزند منها، واصفاً ما قام به الزند خلال الشهور العشرة التي تولى فيها الوزارة بأنه كان يتم إنجازه في سنوات، وتبع المتحدث الإعلامي الكشف عن اعتذار 250 قاضياً من العاملين بالوزارة عن الاستمرار في وظائفهم، وطلبهم إنهاء الانتداب والعودة إلى مقاعدهم في المحاكم، وهو التهديد الذي يضع الحكومة في مأزق شديد حال تنفيذه.
- احتمالات السجن قائمة
عقب انتشار مقطع الفيديو الذي أساء فيه أحمد الزند للنبي، تقدم عدد من المحامين ببلاغات للنائب العام، تطالب بسجنه بتهمة ازدراء الأديان، أسوة بما تم مؤخراً مع فاطمة ناعوت وإسلام بحيري، اللذين صدرت بحقهما أحكام في قضايا مماثلة.
ونشرت الصحافة المحلية "رأياً قانونياً للدكتور طارق عبد الوهاب، أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة، أشار خلاله إلى أن تصريحات "الزند" تعد إساءة للرسول الكريم، وأنها تدخل ضمن جرائم ازدراء الأديان، متوقعاً أن تتم محاكمة "الزند" حول تلك التصريحات، وفقاً للمادة 98 من قانون العقوبات، التي تنص على "معاقبة كل من يستغل الدين في الترويج لأفكار متطرفة، بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تزيد عن 5 سنوات".http://alkhaleejonline.net/articles/1457952928549757600/%D9%81%D9%8A%D8%B3%D8%A8%D9%88%D9%83-%D9%88%D8%B7%D9%86%D9%8A%D8%B7%D8%B1-%D9%8A%D9%86%D8%AC%D8%AD%D8%A7%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B7%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%86%D8%AF/

ليست هناك تعليقات: